صفحة جزء
[ ص: 35 ] القول في تأويل قوله تعالى ( وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون ( 280 ) )

قال أبو جعفر : يعني جل وعز بذلك : وأن تتصدقوا برءوس أموالكم على هذا المعسر " خير لكم " أيها القوم من أن تنظروه إلى ميسرته ، لتقبضوا رءوس أموالكم منه إذا أيسر " إن كنتم تعلمون " موضع الفضل في الصدقة ، وما أوجب الله من الثواب لمن وضع عن غريمه المعسر دينه .

واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك .

فقال بعضهم : معنى ذلك : " وأن تصدقوا " برءوس أموالكم على الغني والفقير منهم " خير لكم " .

ذكر من قال ذلك :

6297 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد عن قتادة : " وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم " ، والمال الذي لهم على ظهور الرجال جعل لهم رءوس أموالهم حين نزلت هذه الآية . فأما الربح والفضل فليس لهم ، ولا ينبغي لهم أن يأخذوا منه شيئا " وأن تصدقوا خير لكم " يقول : أن تصدقوا بأصل المال ، خير لكم .

6298 - حدثني يعقوب قال : حدثنا ابن علية عن سعيد عن قتادة : [ ص: 36 ] " وأن تصدقوا " أي برأس المال ، فهو خير لكم .

6299 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان عن مغيرة عن إبراهيم : ( وأن تصدقوا خير لكم ) قال : من رءوس أموالكم .

6300 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا يحيى عن سفيان عن المغيرة عن إبراهيم بمثله .

6301 - حدثني المثنى قال : حدثنا قبيصة بن عقبة قال : حدثنا سفيان عن مغيرة عن إبراهيم : " وأن تصدقوا خير لكم " قال : أن تصدقوا برءوس أموالكم .

وقال آخرون : معنى ذلك : وأن تصدقوا به على المعسر خير لكم - نحو ما قلنا في ذلك .

ذكر من قال ذلك :

6302 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط عن السدي : " وأن تصدقوا خير لكم " قال : وأن تصدقوا برءوس أموالكم على الفقير ، فهو خير لكم ، فتصدق به العباس .

6303 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا ابن أبي جعفر عن أبيه ، عن الربيع : ( وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم ) ، يقول : وإن تصدقت عليه برأس مالك فهو خير لك .

6304 - حدثت عن الحسين قال سمعت أبا معاذ قال أخبرنا عبيد قال سمعت الضحاك في قوله : ( وأن تصدقوا خير لكم ) ، يعني : على المعسر ، فأما الموسر فلا ولكن يؤخذ منه رأس المال ، والمعسر الأخذ منه حلال والصدقة عليه أفضل .

6305 - حدثني المثنى قال : حدثنا عمرو بن عون قال : أخبرنا هشيم عن [ ص: 37 ] جويبر عن الضحاك : وأن تصدقوا برءوس أموالكم خير لكم من نظرة إلى ميسرة . فاختار الله - عز وجل - الصدقة على النظارة .

6306 - حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب قال قال ابن زيد في قوله : " وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم " قال : من النظرة " إن كنتم تعلمون " .

6307 - حدثني يحيى بن أبي طالب قال أخبرنا يزيد قال أخبرنا جويبر عن الضحاك : ( فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم ) ، والنظرة واجبة ، وخير الله - عز وجل - الصدقة على النظرة ، والصدقة لكل معسر ، فأما الموسر فلا .

قال أبو جعفر : وأولى التأويلين بالصواب تأويل من قال : معناه : " وأن تصدقوا على المعسر برءوس أموالكم خير لكم " لأنه يلي ذكر حكمه في المعنيين . وإلحاقه بالذي يليه أحب إلي من إلحاقه بالذي بعد منه .

قال أبو جعفر : وقد قيل إن هذه الآيات في أحكام الربا ، هن آخر آيات نزلت من القرآن .

ذكر من قال ذلك :

6308 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا ابن أبي عدي عن سعيد وحدثني يعقوب قال : حدثنا ابن علية عن سعيد عن قتادة عن سعيد بن المسيب : أن عمر بن الخطاب قال : كان آخر ما نزل من القرآن آية الربا ، [ ص: 38 ] وإن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قبض قبل أن يفسرها ، فدعوا الربا والريبة .

6039 - حدثنا حميد بن مسعدة قال : حدثنا بشر بن المفضل قال : حدثنا داود عن عامر : أن عمر رضي الله عنه قام فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : " أما بعد ، فإنه والله ما أدري لعلنا نأمركم بأمر لا يصلح لكم ، وما أدري لعلنا ننهاكم عن أمر يصلح لكم ، وإنه كان من آخر القرآن تنزيلا آيات الربا ، فتوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يبينه لنا ، فدعوا ما يريبكم إلى ما لا يريبكم " . [ ص: 39 ]

6310 - حدثني أبو زيد عمر بن شبة قال : حدثنا قبيصة قال : حدثنا سفيان الثوري عن عاصم الأحول عن الشعبي عن ابن عباس قال : آخر ما أنزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آية الربا ، وإنا لنأمر بالشيء لا ندري لعل به بأسا ، وننهى عن الشيء لعله ليس به بأس .

التالي السابق


الخدمات العلمية