1. الرئيسية
  2. تفسير الطبري
  3. تفسير سورة البقرة
  4. القول في تأويل قوله تعالى " ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه والله بما تعملون عليم "
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى ( ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه والله بما تعملون عليم ( 283 ) )

قال أبو جعفر : وهذا خطاب من الله - عز وجل - للشهود الذين أمر المستدين ورب المال بإشهادهم ، فقال لهم : " ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا " - ولا تكتموا أيها الشهود بعدما شهدتم شهادتكم عند الحكام ، كما شهدتم على ما شهدتم عليه ، ولكن أجيبوا من شهدتم له إذا دعاكم لإقامة شهادتكم على خصمه على حقه عند الحاكم الذي يأخذ له بحقه .

ثم أخبر الشاهد - جل ثناؤه - ما عليه في كتمان شهادته ، وإبائه من أدائها والقيام بها عند حاجة المستشهد إلى قيامه بها عند حاكم أو ذي سلطان ، فقال : " ومن يكتمها " . يعني : ومن يكتم شهادته " فإنه آثم قلبه " يقول : فاجر قلبه ، مكتسب بكتمانه إياها معصية الله ، كما : -

6445 - حدثني المثنى قال أخبرنا إسحاق قال : حدثنا ابن أبي جعفر عن أبيه ، عن الربيع في قوله : " ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه " فلا يحل لأحد أن يكتم شهادة هي عنده ، وإن كانت على نفسه والوالدين ، ومن يكتمها فقد ركب إثما عظيما .

6446 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط عن السدي [ ص: 100 ] قوله : " ومن يكتمها فإنه آثم قلبه " يقول : فاجر قلبه .

6447 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو صالح قال حدثني معاوية عن علي عن ابن عباس قال : أكبر الكبائر الإشراك بالله ، لأن الله يقول : ( إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار ) [ سورة المائدة : 72 ] ، وشهادة الزور ، وكتمان الشهادة ، لأن الله - عز وجل - يقول : " ومن يكتمها فإنه آثم قلبه " .

وقد روي عن ابن عباس أنه كان يقول : " على الشاهد أن يشهد حيثما استشهد ، ويخبر بها حيث استخبر " .

6448 - حدثني المثنى قال : حدثنا سويد قال أخبرنا ابن المبارك عن محمد بن مسلم قال أخبرنا عمرو بن دينار عن ابن عباس قال : إذا كانت عندك شهادة فسألك عنها فأخبره بها ، ولا تقل : " أخبر بها عند الأمير " أخبره بها لعله يراجع أو يرعوي .

وأما قوله : " والله بما تعملون عليم " فإنه يعني : " بما تعملون " في شهادتكم من إقامتها والقيام بها ، أو كتمانكم إياها عند حاجة من استشهدكم إليها ، وبغير ذلك من سرائر أعمالكم وعلانيتها " عليم " يحصيه عليكم ، ليجزيكم بذلك كله جزاءكم ، إما خيرا وإما شرا على قدر استحقاقكم .

التالي السابق


الخدمات العلمية