صفحة جزء
[ ص: 209 ] القول في تأويل قوله ( كل من عند ربنا )

قال أبو جعفر : يعني بقوله - جل ثناؤه - : " كل من عند ربنا " كل المحكم من الكتاب والمتشابه منه " من عند ربنا " وهو تنزيله ووحيه إلى نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - كما : -

6643 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن سفيان عن جابر عن مجاهد عن ابن عباس في قوله : " كل من عند ربنا " قال : يعني ما نسخ منه وما لم ينسخ .

6644 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد عن قتادة قوله : " وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم " قالوا : " كل من عند ربنا " آمنوا بمتشابهه ، وعملوا بمحكمه .

6645 - حدثت عن عمار بن الحسن قال : حدثنا ابن أبي جعفر عن أبيه ، عن الربيع قوله : " كل من عند ربنا " يقولون : المحكم والمتشابه من عند ربنا .

6646 - حدثني محمد بن سعد قال حدثني أبي قال حدثني عمي قال حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : " والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا " نؤمن بالمحكم وندين به ، ونؤمن بالمتشابه ولا ندين به ، وهو من عند الله كله .

6647 - حدثنا يحيى بن أبي طالب قال : حدثنا يزيد قال أخبرنا جويبر عن الضحاك في قوله : " والراسخون في العلم " يعملون به ، يقولون : نعمل بالمحكم ونؤمن به ، ونؤمن بالمتشابه ولا نعمل به ، وكل من عند ربنا . [ ص: 210 ]

قال أبو جعفر : واختلف أهل العربية في حكم " كل " إذا أضمر فيها . فقال بعض نحويي البصريين : إنما جاز حذف المراد الذي كان معها الذي " الكل " إليه مضاف في هذا الموضع ، لأنها اسم ، كما قال : ( إنا كل فيها ) [ سورة غافر : 48 ] ، بمعنى : إنا كلنا فيها . قال : ولا يكون " كل " مضمرا فيها وهي صفة ، لا يقال : " مررت بالقوم كل " وإنما يكون فيها مضمر إذا جعلتها اسما . لو كان : " إنا كلا فيها " على الصفة لم يجز ، لأن الإضمار فيها ضعيف لا يتمكن في كل مكان .

وكان بعض نحويي الكوفيين يرى الإضمار فيها وهي صفة أو اسم سواء . لأنه غير جائز أن يحذف ما بعدها عنده إلا وهي كافية بنفسها عما كانت تضاف إليه من المضمر ، وغير جائز أن تكون كافية منه في حال ، ولا تكون كافية في أخرى . وقال : سبيل " الكل " و " البعض " في الدلالة على ما بعدهما بأنفسهما وكفايتهما منه بمعنى واحد في كل حال ، صفة كانت أو اسما .

قال أبو جعفر : وهذا القول الثاني أولى بالقياس ؛ لأنها إذا كانت كافية بنفسها مما حذف منها في حال لدلالتها عليها ، فالحكم فيها أنها كلما وجدت دالة على ما بعدها فهي كافية منه .

التالي السابق


الخدمات العلمية