القول في 
تأويل قوله : ( وأنتم تعلمون  ( 22 ) ) 
اختلف أهل التأويل في الذين عنوا بهذه الآية : 
فقال بعضهم : عنى بها جميع المشركين من مشركي العرب وأهل الكتاب . 
وقال بعضهم : عنى بذلك أهل الكتابين ، أهل التوراة والإنجيل . 
ذكر من قال : عنى بها جميع عبدة الأوثان من العرب وكفار أهل الكتابين : 
486 - حدثنا 
محمد بن حميد ،  قال : حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=13655سلمة بن الفضل ،  عن 
محمد بن إسحاق ،  عن 
محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت ،  عن 
عكرمة  ، أو عن 
سعيد بن جبير ،  عن 
ابن عباس  ، قال : نزل ذلك في الفريقين جميعا من الكفار والمنافقين . وإنما عنى تعالى ذكره بقوله : " 
فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون  " أي لا تشركوا بالله غيره من الأنداد التي لا تنفع ولا تضر ، وأنتم تعلمون أنه لا رب لكم يرزقكم غيره ، وقد علمتم أن الذي يدعوكم إليه الرسول من توحيده هو الحق لا شك فيه . 
487 - حدثنا 
بشر  ، قال : حدثنا 
يزيد ،  عن 
سعيد ،  عن 
قتادة  في قوله : " 
وأنتم تعلمون  " أي تعلمون أن الله خلقكم وخلق السماوات والأرض ، ثم تجعلون له أندادا  .  
[ ص: 371 ] 
ذكر من قال : عني بذلك أهل الكتابين : 
488 - حدثنا 
أبو كريب ،  قال : حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ،  عن 
سفيان  ، عن رجل ، عن 
مجاهد   : " 
فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون  " أنه إله واحد في التوراة والإنجيل . 
489 - حدثني 
المثنى بن إبراهيم ،  قال : حدثنا 
قبيصة  ، قال : حدثنا 
سفيان ،  عن 
مجاهد ،  مثله . 
490 - حدثني 
المثنى  ، قال : حدثنا 
أبو حذيفة  ، قال : حدثنا 
شبل ،  عن 
ابن أبي نجيح  ، عن 
مجاهد   : " 
وأنتم تعلمون  " يقول : وأنتم تعلمون أنه لا ند له في التوراة والإنجيل . 
قال 
أبو جعفر :  وأحسب أن الذي دعا 
 nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهدا  إلى هذا التأويل وإضافة ذلك إلى أنه خطاب لأهل التوراة والإنجيل دون غيرهم - الظن منه بالعرب أنها لم تكن تعلم أن الله خالقها ورازقها ، بجحودها وحدانية ربها وإشراكها معه في العبادة غيره ، وإن ذلك لقول! ولكن الله جل ثناؤه قد أخبر في كتابه عنها أنها كانت تقر بوحدانيته ، غير أنها كانت تشرك في عبادته ما كانت تشرك فيها ، فقال جل ثناؤه : ( 
ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله  ) [ سورة الزخرف : 87 ] ، وقال : ( 
قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون  ) [ سورة يونس : 31 ] .  
[ ص: 372 ] 
فالذي هو أولى بتأويل قوله : " 
وأنتم تعلمون  " - إذ كان ما كان عند العرب من العلم بوحدانية الله ، وأنه مبدع الخلق وخالقهم ورازقهم ، نظير الذي كان من ذلك عند أهل الكتابين ، ولم يكن في الآية دلالة على أن الله جل  
[ ص: 373 ] ثناؤه عنى بقوله : " 
وأنتم تعلمون  " أحد الحزبين ، بل مخرج الخطاب بذلك عام للناس كافة لهم ، لأنه تحدى الناس كلهم بقوله : " 
يا أيها الناس اعبدوا ربكم  " أن يكون تأويله ما قاله 
ابن عباس  وقتادة  ، من أنه يعني بذلك كل مكلف عالم بوحدانية الله وأنه لا شريك له في خلقه ، يشرك معه في عبادته غيره ، كائنا من كان من الناس ، عربيا كان أو أعجميا ، كاتبا أو أميا ، وإن كان الخطاب لكفار أهل الكتاب الذين كانوا حوالي دار هجرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأهل النفاق منهم ، وممن بين ظهرانيهم ممن كان مشركا فانتقل إلى النفاق بمقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم .