1. الرئيسية
  2. تفسير الطبري
  3. تفسير سورة آل عمران
  4. القول في تأويل قوله تعالى " كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآياتنا فأخذهم الله بذنوبهم والله شديد العقاب "
صفحة جزء
[ ص: 223 ] القول في تأويل قوله ( كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآياتنا فأخذهم الله بذنوبهم والله شديد العقاب ( 11 ) )

قال أبو جعفر : يعني بذلك - جل ثناؤه - : إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا عند حلول عقوبتنا بهم ، كسنة آل فرعون وعادتهم " والذين من قبلهم " من الأمم الذين كذبوا بآياتنا ، فأخذناهم بذنوبهم فأهلكناهم حين كذبوا بآياتنا ، فلم تغن عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا حين جاءهم بأسنا ، كالذين عوجلوا بالعقوبة على تكذيبهم ربهم من قبل آل فرعون : من قوم نوح وقوم هود وقوم لوط وأمثالهم .

واختلف أهل التأويل في تأويل قوله : " كدأب آل فرعون " .

فقال بعضهم : معناه : كسنتهم .

ذكر من قال ذلك :

6659 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق بن الحجاج قال : حدثنا عبد الله بن أبي جعفر عن أبيه ، عن الربيع في قوله : " كدأب آل فرعون " يقول : كسنتهم .

وقال بعضهم : معناه : كعملهم .

ذكر من قال ذلك :

6660 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا مؤمل قال : حدثنا سفيان [ ص: 224 ] وحدثني المثنى قال : حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا سفيان جميعا ، عن جويبر عن الضحاك : " كدأب آل فرعون " قال : كعمل آل فرعون .

6661 - حدثنا يحيى بن أبي طالب قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا جويبر عن الضحاك في قوله : " كدأب آل فرعون " قال : كعمل آل فرعون .

6662 - حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب قال قال ابن زيد في قوله : " كدأب آل فرعون " قال : كفعلهم ، كتكذيبهم حين كذبوا الرسل وقرأ قول الله : ( مثل دأب قوم نوح ) [ سورة غافر : 31 ] ، أن يصيبكم مثل الذي أصابهم عليه من عذاب الله . قال : الدأب العمل .

6663 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا أبو تميلة يحيى بن واضح عن أبي حمزة عن جابر عن عكرمة ومجاهد في قوله : " كدأب آل فرعون " قال : كفعل آل فرعون ، كشأن آل فرعون .

6664 - حدثت عن المنجاب قال : حدثنا بشر بن عمارة عن أبي روق عن الضحاك عن ابن عباس في قوله : " كدأب آل فرعون " قال : كصنع آل فرعون .

وقال آخرون : معنى ذلك : كتكذيب آل فرعون .

ذكر من قال ذلك :

6665 - حدثني موسى بن هارون قال : حدثنا عمرو بن حماد قال : حدثنا أسباط عن السدي : " كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآياتنا فأخذهم الله بذنوبهم " ذكر الذين كفروا وأفعال تكذيبهم ، كمثل تكذيب الذين من قبلهم في الجحود والتكذيب .

قال أبو جعفر : وأصل " الدأب " من : " دأبت في الأمر دأبا " إذا أدمنت [ ص: 225 ] العمل والتعب فيه . ثم إن العرب نقلت معناه إلى الشأن ، والأمر ، والعادة ، كما قال امرؤ القيس بن حجر :



وإن شفائي عبرة مهراقة فهل عند رسم دارس من معول     كدأبك من أم الحويرث قبلها
وجارتها أم الرباب بمأسل

يعني بقوله : " كدأبك " كشأنك وأمرك وفعلك . يقال منه : " هذا دأبي ودأبك أبدا " . يعني به فعلي وفعلك ، وأمري وأمرك ، وشأني وشأنك ، يقال منه : " دأبت دؤوبا ودأبا " . وحكي عن العرب سماعا : " دأبت دأبا " مثقلة محركة الهمزة ، كما قيل : " هذا شعر ، ونهر " فتحرك ثانيه لأنه حرف من الحروف الستة ، فألحق " الدأب " إذ كان ثانيه من الحروف الستة ، كما قال الشاعر :



له نعل لا تطبي الكلب ريحها     وإن وضعت بين المجالس شمت



وأما قوله : " والله شديد العقاب " فإنه يعني به : والله شديد عقابه لمن كفر به وكذب رسله بعد قيام الحجة عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية