صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( قل اللهم )

قال أبو جعفر : أما تأويل : " قل اللهم " فإنه : قل يا محمد : يا الله .

واختلف أهل العربية في نصب " ميم " " اللهم " وهو منادى ، وحكم المنادى المفرد غير المضاف الرفع وفي دخول " الميم " فيه ، وهو في الأصل " الله " بغير " ميم " . [ ص: 296 ] فقال بعضهم : إنما زيدت فيه " الميمان " لأنه لا ينادى ب " يا " كما ينادى الأسماء التي لا " ألف " فيها ولا " لام " . وذلك أن الأسماء التي لا " ألف " ولا " لام " فيها تنادى ب " يا " كقول القائل : " يا زيد ، ويا عمرو " . قال : فجعلت " الميم " فيه خلفا من " يا " كما قالوا : " فم ، وابنم ، وهم ، وزرقم ، وستهم " وما أشبه ذلك من الأسماء والنعوت التي يحذف منها الحرف ، ثم يبدل مكانه " ميم " . قال : فكذلك حذفت من " اللهم " " يا " التي ينادى بها الأسماء التي على ما وصفنا ، وجعلت " الميم " خلفا منها في آخر الاسم . [ ص: 297 ]

وأنكر ذلك من قولهم آخرون ، وقالوا : قد سمعنا العرب تنادي : " اللهم " ب " يا " كما تناديه ولا " ميم " فيه . قالوا : فلو كان الذي قال هذا القول مصيبا في دعواه ، لم تدخل العرب " يا " وقد جاءوا بالخلف منها . وأنشدوا في ذلك سماعا من العرب :

وما عليك أن تقولي كلما صليت أو كبرت يا أللهما

    اردد علينا شيخنا مسلما


ويروى : " سبحت أو كبرت " . قالوا : ولم نر العرب زادت مثل هذه " الميم " إلا مخففة في نواقص الأسماء مثل : " الفم ، وابنم ، وهم " قالوا : ونحن نرى أنها كلمة ضم إليها " أم " بمعنى : " يا ألله أمنا بخير " فكثرت في الكلام فاختلطت به . قالوا : فالضمة التي في " الهاء " من همزة " أم " لما تركت انتقلت إلى ما قبلها . قالوا : ونرى أن قول العرب : " هلم إلينا " مثلها . إنما كان " هلم " " هل " ضم إليها " أم " فتركت على نصبها . قالوا : من العرب من يقول إذا طرح " الميم " : " يا الله اغفر لي " و " يا ألله اغفر لي " بهمز " الألف " من " الله " مرة ، ووصلها أخرى ، فمن حذفها أجراها على أصلها ، لأنها " ألف ولام " مثل " الألف واللام " اللتين يدخلان في الأسماء المعارف زائدتين . ومن همزها توهم أنها من الحرف ، [ ص: 298 ] إذ كانت لا تسقط منه ، وأنشدوا في همز الألف منها :

مبارك هو ومن سماه     على اسمك اللهم يا ألله


قالوا : وقد كثرت " اللهم " في الكلام ، حتى خففت ميمها في بعض اللغات ، وأنشدوا :

كحلفة من أبي رياح     يسمعها اللهم الكبار


والرواة تنشد ذلك :


يسمعها لاهه الكبار

[ ص: 299 ]

وقد أنشده بعضهم :

يسمعها الله والله كبار



التالي السابق


الخدمات العلمية