صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( وحصورا ونبيا من الصالحين ( 39 ) )

قال أبو جعفر : يعني بذلك : ممتنعا من جماع النساء ، من قول القائل : " حصرت من كذا أحصر " إذا امتنع منه . ومنه قولهم : " حصر فلان في قراءته " إذا امتنع من القراءة فلم يقدر عليها . وكذلك " حصر العدو " حبسهم الناس ومنعهم إياهم التصرف ، ولذلك قيل للذي لا يخرج مع ندمائه شيئا ، " حصور " كما قال الأخطل :


وشارب مربح بالكأس نادمني لا بالحصور ولا فيها بسوار



ويروى : " بسآر " . ويقال أيضا للذي لا يخرج سره ويكتمه " حصور " [ ص: 377 ] لأنه يمنع سره أن يظهر ، كما قال جرير :


ولقد تساقطني الوشاة ، فصادفوا     حصرا بسرك يا أميم ضنينا



وأصل جميع ذلك واحد ، وهو المنع والحبس .

وبمثل الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

6980 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا ابن خلف قال : حدثنا حماد بن شعيب ، عن عاصم ، عن زر ، عن عبد الله في قوله : " وسيدا وحصورا " قال : الحصور ، الذي لا يأتي النساء .

6981 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب أنه قال : حدثني ابن العاص : أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : كل بني آدم يأتي يوم القيامة وله ذنب ، إلا ما كان من يحيى بن زكريا . قال : ثم دلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده إلى الأرض ، فأخذ عويدا صغيرا ، ثم قال : وذلك أنه لم يكن له ما للرجال إلا مثل هذا العود ، وبذلك سماه الله " سيدا وحصورا " . [ ص: 378 ]

6982 - حدثني يونس قال : أخبرنا أنس بن عياض ، عن يحيى بن سعيد قال : سمعت سعيد بن المسيب يقول : ليس أحد إلا يلقى الله يوم القيامة ذا ذنب إلا يحيى بن زكريا ، كان حصورا ، معه مثل الهدبة .

6983 - حدثنا أحمد بن الوليد القرشي قال : حدثنا عمر بن جعفر قال : حدثنا شعبة ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب قال : قال ابن العاص - إما عبد الله ، وإما أبوه - : ما أحد يلقى الله إلا وهو ذو ذنب ، إلا يحيى بن زكريا . قال وقال سعيد بن المسيب : " وسيدا وحصورا " قال : الحصور ، الذي لا يغشى النساء ، ولم يكن ما معه إلا مثل هدبة الثوب .

6984 - حدثني سعيد بن عمرو السكوني قال : حدثنا بقية بن الوليد ، عن عبد الملك ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب في قوله : " وحصورا " قال : الحصور الذي لا يشتهي النساء . ثم ضرب بيده إلى الأرض فأخذ نواة فقال : ما كان معه إلا مثل هذه .

6985 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير قال : الحصور ، الذي لا يأتي النساء .

6986 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن عطاء ، عن سعيد مثله .

6987 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا حكام ، عن عمرو ، عن عطاء ، عن سعيد مثله .

6988 - حدثني عبد الرحمن بن الأسود قال : حدثنا محمد بن ربيعة قال : [ ص: 379 ] حدثنا النضر بن عربي ، عن مجاهد : " وحصورا " قال : الذي لا يأتي النساء .

6989 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال : الحصور : لا يقرب النساء .

6990 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل قال : زعم الرقاشي : " الحصور " الذي لا يقرب النساء .

6991 - حدثني المثنى قال : حدثنا عمرو بن عون قال : حدثنا هشيم ، عن جويبر ، عن الضحاك : " الحصور " الذي لا يولد له ، وليس له ماء .

6992 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال : سمعت أبا معاذ قال : أخبرنا عبيد بن سليمان قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : " وحصورا " قال : هو الذي لا ماء له .

6993 - حدثنا بشر قال : حدثنا سويد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : " وحصورا " كنا نحدث أن الحصور الذي لا يقرب النساء .

6994 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا سليمان قال : حدثنا أبو هلال قال : حدثنا قتادة في قوله : " وسيدا وحصورا " قال : الحصور الذي لا يأتي النساء .

6995 - حدثت عن عمار بن الحسن قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن قتادة مثله .

6996 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة مثله .

6997 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن قابوس ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : الحصور الذي لا ينزل الماء .

6998 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب ، عن ابن زيد : " وحصورا " قال : الحصور الذي لا يأتي النساء . [ ص: 380 ]

6999 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " وحصورا " قال : الحصور ، الذي لا يريد النساء .

7000 - حدثني محمد بن سنان قال : حدثنا أبو بكر الحنفي ، عن عباد ، عن الحسن : " وحصورا " قال : لا يقرب النساء .

وأما قوله : " ونبيا من الصالحين " فإنه يعني : رسولا لربه إلى قومه ، ينبئهم عنه بأمره ونهيه ، وحلاله وحرامه ، ويبلغهم عنه ما أرسله به إليهم .

ويعني بقوله : " من الصالحين " من أنبيائه الصالحين .

وقد دللنا فيما مضى على معنى " النبوة " وما أصلها ، بشواهد ذلك والأدلة الدالة على الصحيح من القول فيه ، بما أغنى عن إعادته .

التالي السابق


الخدمات العلمية