صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( قال رب اجعل لي آية )

قال أبو جعفر : يعني بذلك - جل ثناؤه - ، خبرا عن زكريا ، قال زكريا : رب إن كان هذا النداء الذي نوديته ، والصوت الذي سمعته ، صوت ملائكتك وبشارة منك لي ، فاجعل لي آية يقول : علامة أن ذلك كذلك ، ليزول عني ما قد وسوس إلي الشيطان فألقاه في قلبي ، من أن ذلك صوت غير الملائكة ، وبشارة من عند غيرك ، كما : -

7004 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن السدي قال : " رب اجعل لي آية " قال : قال - يعني زكريا - : يا رب ، فإن كان هذا الصوت منك ، فاجعل لي آية .

وقد دللنا فيما مضى على معنى " الآية " وأنها العلامة ، بما أغنى عن إعادته .

وقد اختلف أهل العربية في سبب ترك العرب همزها ، ومن شأنها همز كل " ياء " جاءت بعد " ألف " ساكنة .

فقال بعضهم : ترك همزها ، لأنها كانت " أية " فثقل عليهم التشديد ، فأبدلوه " ألفا " لانفتاح ما قبل التشديد كما قالوا : " أيما فلان فأخزاه الله " .

وقال آخرون منهم : بل هي " فاعلة " منقوصة . [ ص: 385 ]

فسئلوا فقيل لهم : فما بال العرب تصغرها " أيية " ولم يقولوا " أوية " . فقالوا : قيل ذلك ، كما قيل في " فاطمة " " هذه فطيمة " . فقيل لهم : فإنهم إنما يصغرون " فاعلة " على " فعيلة " إذا كان اسما في معنى فلان وفلانة ، فأما في غير ذلك فليس من تصغيرهم " فاعلة " على " فعيلة " .

وقال آخرون : إنه " فعلة " صيرت ياؤها الأولى " ألفا " كما فعل ب " حاجة ، وقامة " .

فقيل لهم : إنما تفعل العرب ذلك في أولاد الثلاثة .

وقال من أنكر ذلك من قيلهم : لو كان كما قالوا : لقيل في " نواة " ناية ، وفي " حياة " حاية .

التالي السابق


الخدمات العلمية