القول في 
تأويل قوله : ( وأتوا به متشابها  ) 
قال 
أبو جعفر :  والهاء في قوله : " 
وأتوا به متشابها  " عائدة على الرزق ، فتأويله : وأتوا بالذي رزقوا من ثمارها متشابها . 
وقد اختلف أهل التأويل في تأويل " المتشابه " في ذلك : 
فقال بعضهم : تشابهه أن كله خيار لا رذل فيه . 
ذكر من قال ذلك : 
519 - حدثنا 
خلاد بن أسلم  ، قال : أخبرنا 
النضر بن شميل  ، قال : أخبرنا 
أبو عامر ،  عن 
الحسن  في قوله : " متشابها " قال : خيارا كلها لا رذل فيها . 
520 - حدثني 
يعقوب بن إبراهيم  ، قال : حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية  ، عن 
أبي رجاء   : قرأ 
الحسن  آيات من البقرة ، فأتى على هذه الآية : " 
وأتوا به متشابها  " قال : ألم تروا إلى ثمار الدنيا كيف ترذلون بعضه ؟ وإن ذلك ليس فيه رذل . 
521 - حدثنا 
الحسن بن يحيى  ، قال : حدثنا 
عبد الرزاق  ، قال : أخبرنا 
معمر  ، قال : قال 
الحسن   : " 
وأتوا به متشابها  " قال : يشبه بعضه بعضا ، ليس فيه من رذل . 
522 - حدثنا 
بشر  ، قال : حدثنا 
يزيد  ، عن 
سعيد  ، عن 
قتادة   : " 
وأتوا به متشابها  "  
[ ص: 390 ] ، أي خيارا لا رذل فيه ، وإن ثمار الدنيا ينقى منها ويرذل منها ، وثمار الجنة خيار كله ، لا يرذل منه شيء . 
523 - حدثنا 
القاسم  ، قال : حدثنا 
الحسين  ، قال : حدثني 
حجاج  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج   . قال : ثمر الدنيا منه ما يرذل ، ومنه نقاوة ، وثمر الجنة نقاوة كله ، يشبه بعضه بعضا في الطيب ، ليس منه مرذول . 
وقال بعضهم : تشابهه في اللون وهو مختلف في الطعم . 
ذكر من قال ذلك : 
524 - حدثني 
موسى  ، قال حدثنا 
عمرو  ، قال : حدثنا 
أسباط  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي  في خبر ذكره ، عن 
أبي مالك ،  وعن 
أبي صالح ،  عن 
ابن عباس  ، وعن 
مرة  ، عن 
ابن مسعود  ، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : " وأتوا به متشابها " في اللون والمرأى ، وليس يشبه الطعم . 
525 - حدثني 
محمد بن عمرو  ، قال : حدثنا 
أبو عاصم  ، عن 
عيسى  ، عن 
ابن أبي نجيح  ، عن 
مجاهد   : " 
وأتوا به متشابها  " مثل الخيار . 
526 - حدثنا 
المثنى  ، قال : حدثنا 
أبو حذيفة  ، قال : حدثنا 
شبل ،  عن 
ابن أبي نجيح  ، عن 
مجاهد   : 
وأتوا به متشابها لونه مختلفا طعمه ، مثل الخيار من القثاء . 
527 - حدثت عن 
عمار بن الحسن ،  قال : حدثنا 
ابن أبي جعفر ،  عن أبيه ، عن 
الربيع بن أنس   : " 
وأتوا به متشابها  " يشبه بعضه بعضا ويختلف الطعم . 
528 - حدثنا 
الحسن بن يحيى  ، قال : حدثنا 
عبد الرزاق  ، قال : أنبأنا 
الثوري  ، عن 
ابن أبي نجيح  ، عن 
مجاهد ،  في قوله : " متشابها " قال : مشتبها في اللون ، ومختلفا في الطعم .  
[ ص: 391 ] 
529 - حدثنا 
القاسم  ، قال : حدثنا 
الحسين  ، قال : حدثني 
حجاج ،  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ،  عن 
مجاهد   : " 
وأتوا به متشابها  " مثل الخيار . 
وقال بعضهم : تشابهه في اللون والطعم . 
ذكر من قال ذلك : 
530 - حدثنا 
ابن وكيع   . قال : حدثنا أبي ، عن 
سفيان  ، عن رجل ، عن 
مجاهد ،  قوله : " متشابها " قال : اللون والطعم . 
531 - حدثني 
المثنى  ، قال : حدثنا 
إسحاق  ، قال : حدثنا 
عبد الرزاق  ، عن 
الثوري  ، عن 
ابن أبي نجيح  ، عن 
مجاهد ،  ويحيى بن سعيد   : " متشابها " قالا في اللون والطعم . 
وقال بعضهم : تشابهه ، تشابه ثمر الجنة وثمر الدنيا في اللون ، وإن اختلف طعومهما . 
ذكر من قال ذلك : 
532 - حدثنا 
الحسن بن يحيى  ، قال : أنبأنا 
عبد الرزاق  ، قال : أخبرنا 
معمر  ، عن 
قتادة   : " 
وأتوا به متشابها  " قال : يشبه ثمر الدنيا ، غير أن ثمر الجنة أطيب . 
533 - حدثنا 
المثنى  ، قال : حدثنا 
إسحاق  ، قال : قال 
حفص بن عمر  ، قال : حدثنا 
الحكم بن أبان ،  عن 
عكرمة  في قوله : " 
وأتوا به متشابها  " قال : يشبه ثمر الدنيا ، غير أن ثمر الجنة أطيب . 
وقال بعضهم : 
لا يشبه شيء مما في الجنة ما في الدنيا ، إلا الأسماء  . 
ذكر من قال ذلك : 
534 - حدثني 
أبو كريب ،  قال : حدثنا 
الأشجعي   - ح - وحدثنا 
محمد  [ ص: 392 ] بن بشار  ، قال ، حدثنا 
مؤمل  ، قالا جميعا : حدثنا 
سفيان ،  عن 
الأعمش ،  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12062أبي ظبيان  ، عن 
ابن عباس   - قال 
أبو كريب  في حديثه عن 
الأشجعي   - : لا يشبه شيء مما في الجنة ما في الدنيا ، إلا الأسماء . وقال 
ابن بشار  في حديثه عن 
مؤمل ،  قال : ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء . 
535 - حدثنا 
عباس بن محمد  ، قال : حدثنا 
محمد بن عبيد ،  عن 
الأعمش ،  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12062أبي ظبيان ،  عن 
ابن عباس  ، قال : ليس في الدنيا من الجنة شيء إلا الأسماء . 
536 - حدثني 
 nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى  قال : أنبأنا 
ابن وهب  ، قال : قال 
عبد الرحمن بن زيد ،  في قوله : " 
وأتوا به متشابها  " قال : يعرفون أسماءه كما كانوا في الدنيا ، التفاح بالتفاح والرمان بالرمان ، قالوا في الجنة : " 
هذا الذي رزقنا من قبل  " في الدنيا " 
وأتوا به متشابها  " يعرفونه ، وليس هو مثله في الطعم . 
قال 
أبو جعفر :  وأولى هذه التأويلات بتأويل الآية ، تأويل من قال : وأتوا به متشابها في اللون والمنظر والطعم مختلف . يعني بذلك اشتباه ثمر الجنة وثمر الدنيا في المنظر واللون ، مختلفا في الطعم والذوق ، لما قدمنا من العلة في تأويل قوله : " 
كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل  " وأن معناه : كلما رزقوا من الجنان من ثمرة من ثمارها رزقا قالوا : هذا الذي رزقنا من قبل هذا في الدنيا : فأخبر الله جل ثناؤه عنهم أنهم قالوا ذلك ، ومن أجل أنهم أتوا بما أتوا به من ذلك في الجنة متشابها ، يعني بذلك تشابه ما أتوا به في الجنة منه ، والذي كانوا رزقوه في الدنيا ، في اللون والمرأى والمنظر ، وإن اختلفا في الطعم والذوق فتباينا ، فلم يكن لشيء مما في الجنة من ذلك نظير في الدنيا . 
وقد دللنا  
[ ص: 393 ] على فساد قول من زعم أن معنى قوله : " 
قالوا هذا الذي رزقنا من قبل  " إنما هو قول من أهل الجنة في تشبيههم بعض ثمر الجنة ببعض . وتلك الدلالة على فساد ذلك القول ، هي الدلالة على فساد قول من خالف قولنا في تأويل قوله : " 
وأتوا به متشابها  " لأن الله جل ثناؤه إنما أخبر عن المعنى الذي من أجله قال القوم : " 
هذا الذي رزقنا من قبل  " بقوله : " 
وأتوا به متشابها  " 
ويسأل من أنكر ذلك ، فزعم أنه غير جائز أن يكون شيء مما في الجنة نظيرا لشيء مما في الدنيا بوجه من الوجوه ، فيقال له : أيجوز أن يكون أسماء ما في الجنة من ثمارها وأطعمتها وأشربتها نظائر أسماء ما في الدنيا منها ؟ 
فإن أنكر ذلك خالف نص كتاب الله ، لأن الله جل ثناؤه إنما عرف عباده في الدنيا ما هو عنده في الجنة بالأسماء التي يسمى بها ما في الدنيا من ذلك . 
وإن قال : ذلك جائز ، بل هو كذلك . 
قيل : فما أنكرت أن يكون ألوان ما فيها من ذلك ، نظير ألوان ما في الدنيا منه ، بمعنى البياض والحمرة والصفرة وسائر صنوف الألوان ، وإن تباينت فتفاضلت بفضل حسن المرآة والمنظر ، فكان لما في الجنة من ذلك من البهاء والجمال وحسن المرآة والمنظر ، خلاف الذي لما في الدنيا منه ، كما كان جائزا ذلك في الأسماء مع اختلاف المسميات بالفضل في أجسامها ؟ ثم يعكس عليه القول في ذلك ، فلن يقول في أحدهما شيئا إلا ألزم في الآخر مثله . 
وكان 
 nindex.php?page=showalam&ids=110أبو موسى الأشعري  يقول في ذلك بما : 
537 - حدثني به 
ابن بشار  ، قال : حدثنا 
ابن أبي عدي ،  وعبد الوهاب  ، 
ومحمد بن جعفر  ، عن 
عوف ،  عن 
قسامة ،  عن 
الأشعري  ، قال : إن الله لما أخرج 
آدم  من الجنة زوده من ثمار الجنة ، وعلمه صنعة كل شيء ، فثماركم هذه من ثمار الجنة ، غير أن هذه تغير وتلك لا تغير .  
[ ص: 394 ] 
وقد زعم بعض أهل العربية أن معنى قوله : " 
وأتوا به متشابها  " أنه متشابه في الفضل ، أي كل واحد منه له من الفضل في نحوه ، مثل الذي للآخر في نحوه . 
قال 
أبو جعفر :  وليس هذا قولا نستجيز التشاغل بالدلالة على فساده ، لخروجه عن قول جميع علماء أهل التأويل . وحسب قول بخروجه عن قول جميع أهل العلم دلالة على خطئه .