( 
قال فما بال القرون الأولى   ( 51 ) 
قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى   ( 52 ) 
الذي جعل لكم الأرض مهدا وسلك لكم فيها سبلا وأنزل من السماء ماء فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى   ( 53 ) ) 
( قال ) 
فرعون    : ( 
فما بال القرون الأولى   ) ومعنى " البال " : الحال ، أي : ما حال القرون الماضية والأمم الخالية ، مثل 
قوم نوح  وعاد  وثمود  فيما تدعونني إليه فإنها كانت تعبد الأوثان وتنكر البعث؟ . ( قال ) 
موسى    : ( 
علمها عند ربي   ) أي : أعمالهم محفوظة عند الله يجازي بها . 
وقيل : إنما رد 
موسى  علم ذلك إلى الله لأنه لم يعلم ذلك ، فإن التوراة أنزلت بعد هلاك فرعون وقومه . 
( 
في كتاب   ) يعني : في اللوح المحفوظ ، ( 
لا يضل ربي   ) أي : لا يخطئ . وقيل : لا يضل عنه شيء ولا يغيب عن شيء ، ( 
ولا ينسى   ) [ أي : لا يخطئ ] ما كان من أمرهم حتى يجازيهم بأعمالهم . وقيل : لا ينسى أي : لا يترك ، فينتقم من الكافر ويجازي المؤمن . ( 
الذي جعل لكم الأرض مهدا   ) قرأ أهل 
الكوفة    : ( مهدا ) ها هنا ، وفي الزخرف ، فيكون مصدرا ، أي : فرشا ، وقرأ الآخرون : " مهادا " ، كقوله تعالى : " 
ألم نجعل الأرض مهادا   " ( النبإ : 16 ) ، أي : فراشا وهو اسم لما يفرش ، كالبساط : اسم لما يبسط .   
[ ص: 278 ] 
( 
وسلك لكم فيها سبلا   ) [ السلك : إدخال الشيء في الشيء ، والمعنى : أدخل في الأرض لأجلكم طرقا تسلكونها ] قال 
ابن عباس    : سهل لكم فيها طرقا تسلكونها . 
( 
وأنزل من السماء ماء   ) يعني : المطر . 
تم الإخبار عن 
موسى  ، ثم أخبر الله عن نفسه بقوله : ( 
فأخرجنا به   ) بذلك الماء ( أزواجا ) أصنافا ، ( 
من نبات شتى   ) مختلف الألوان والطعوم والمنافع من بين أبيض وأحمر وأخضر وأصفر ، فكل صنف منها زوج ، فمنها للناس ومنها للدواب .