1. الرئيسية
  2. تفسير البغوي
  3. سورة طه
  4. تفسير قوله تعالى " وكذلك أنزلناه قرآنا عربيا وصرفنا فيه من الوعيد لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكرا "
صفحة جزء
[ ص: 297 ] ( وكذلك أنزلناه قرآنا عربيا وصرفنا فيه من الوعيد لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكرا ( 113 ) فتعالى الله الملك الحق ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علما ( 114 ) ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما ( 115 ) )

( وكذلك ) أي : كما بينا في هذه السورة ، ( أنزلناه ) يعني أنزلنا هذا الكتاب ، ( قرآنا عربيا ) يعني : بلسان العرب ، ( وصرفنا فيه من الوعيد ) أي : صرفنا القول فيه بذكر الوعيد ، ( لعلهم يتقون ) أي يجتنبون الشرك ، ( أو يحدث لهم ذكرا ) أي يجدد لهم القرآن عبرة وعظة فيعتبروا ويتعظوا بذكر عقاب الله للأمم الخالية . ( فتعالى الله الملك الحق ) جل الله عن إلحاد الملحدين وعما يقوله المشركون ، ( ولا تعجل بالقرآن ) أراد النبي صلى الله عليه وسلم ، كان إذا نزل عليه جبريل بالقرآن يبادر فيقرأ معه ، قبل أن يفرغ جبريل مما يريد من التلاوة ، ومخافة الانفلات والنسيان ، فنهاه الله عن ذلك وقال : ( ولا تعجل بالقرآن ) أي لا تعجل بقراءته ( من قبل أن يقضى إليك وحيه ) أي : من قبل أن يفرغ جبريل من الإبلاغ ، نظيره قوله تعالى : " لا تحرك به لسانك لتعجل به " ( سورة القيامة : 16 ) وقرأ يعقوب : " نقضي " بالنون وفتحها وكسر الضاد ، وفتح الياء : " وحيه " بالنصب .

قال مجاهد وقتادة : معناه لا تقرئه أصحابك ، ولا تمله عليهم حتى يتبين لك معانيه .

( وقل رب زدني علما ) يعني بالقرآن ومعانيه . وقيل : علما إلى ما علمت .

وكان ابن مسعود إذا قرأ هذه الآية قال : اللهم رب زدني علما وإيمانا ويقينا . قوله تعالى : ( ولقد عهدنا إلى آدم من قبل ) يعني : أمرناه وأوحينا إليه أن لا يأكل من الشجرة من قبل هؤلاء الذين نقضوا عهدك وتركوا الإيمان بي ، وهم الذين ذكرهم الله في قوله تعالى : " لعلهم يتقون " ، ( فنسي ) فترك الأمر ، والمعنى أنهم نقضوا العهد ، فإن آدم أيضا عهدنا إليه فنسي ، ( ولم نجد له عزما ) قال الحسن لم نجد له صبرا عما نهي عنه . وقال عطية العوفي : حفظا [ ص: 298 ] لما أمر به .

وقال ابن قتيبة : رأيا معزوما حيث أطاع عدوه إبليس الذي حسده وأبى أن يسجد له . و " العزم " في اللغة : هو توطين النفس على الفعل .

قال أبو أمامة الباهلي : لو وزن حلم آدم بحلم جميع ولده لرجح حلمه ، وقد قال الله : " ولم نجد له عزما " .

فإن قيل : أتقولون إن آدم كان ناسيا لأمر الله حين أكل من الشجرة ؟ .

قيل : يجوز أن يكون نسي أمره ، ولم يكن النسيان في ذلك الوقت مرفوعا عن الإنسان ، بل كان مؤاخذا به ، وإنما رفع عنا .

وقيل : نسي عقوبة الله وظن أنه نهي تنزيها .

التالي السابق


الخدمات العلمية