[ ص: 423 ]   ( 
لا تجأروا اليوم إنكم منا لا تنصرون   ( 65 ) 
قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون   ( 66 ) 
مستكبرين به سامرا تهجرون   ( 67 ) 
أفلم يدبروا القول أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين   ( 68 ) 
أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون   ( 69 ) ) 
( 
لا تجأروا اليوم   ) أي لا تضجوا ، ( 
إنكم منا لا تنصرون   ) لا تمنعون منا ولا ينفعكم تضرعكم . ( 
قد كانت آياتي تتلى عليكم   ) يعني القرآن ، ( 
فكنتم على أعقابكم تنكصون   ) ترجعون القهقرى تتأخرون عن الإيمان . ( 
مستكبرين به   ) اختلفوا في هذه الكناية ، فأظهر الأقاويل أنها تعود إلى 
البيت الحرام  كناية عن غير مذكور ، أي : مستكبرين متعظمين بالبيت الحرام ، وتعظمهم به أنهم كانوا يقولون نحن أهل حرم الله وجيران بيته ، فلا يظهر علينا أحد ، ولا نخاف أحدا ، فيأمنون فيه وسائر الناس في الخوف ، هذا قول 
ابن عباس  ومجاهد  ، وجماعة ، وقيل : " مستكبرين به " أي : بالقرآن فلم يؤمنوا به . والأول أظهر ، المراد منه الحرم ، ( سامرا ) نصب على الحال ، أي أنهم يسمرون بالليل في مجالسهم حول البيت ، ووحد سامرا وهو بمعنى السمار لأنه وضع موضع الوقت ، أراد تهجرون ليلا . وقيل : وحد سامرا ، ومعناه الجمع كقوله : " ثم نخرجكم طفلا " ( الحج - 5 ) ، ( تهجرون ) قرأ 
نافع    " تهجرون " بضم التاء وكسر الجيم من الإهجار وهو الإفحاش في القول ، أي : تفحشون وتقولون الخنا ، وذكر أنهم كانوا يسبون النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وقرأ الآخرون : " تهجرون " بفتح التاء وضم الجيم ، أي : تعرضون عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الإيمان والقرآن ، وترفضونها : وقيل : هو من الهجر وهو القول القبيح ، يقال هجر يهجر هجرا إذا قال غير الحق . وقيل تهزئون وتقولون ما لا تعلمون ، من قولهم : هجر الرجل في منامه إذا هذى . ( 
أفلم يدبروا   ) أي : يتدبروا ، ( القول ) يعني : ما جاءهم من القول وهو القرآن ، فيعرفوا ما فيه من الدلالات على صدق 
محمد  صلى الله عليه وسلم ، ( 
أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين   ) فأنكروا ، يريد إنا قد بعثنا من قبلهم رسلا إلى قومهم كذلك بعثنا 
محمدا  صلى الله عليه وسلم إليهم . وقيل : " أم " بمعنى بل ، يعني : جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين فلذلك أنكروا . ( 
أم لم يعرفوا رسولهم   ) 
محمدا  صلى الله عليه وسلم ، ( 
فهم له منكرون   ) قال 
ابن عباس    : أليس قد عرفوا 
محمدا  صلى الله عليه وسلم صغيرا وكبيرا ، وعرفوا نسبه وصدقه وأمانته ووفاءه بالعهود . وهذا على سبيل التوبيخ   
[ ص: 424 ] لهم على الإعراض عنه بعدما عرفوه بالصدق والأمانة .