[ ص: 148 ]   ) ( 
وورث سليمان داود وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء إن هذا لهو الفضل المبين   ( 16 ) ) 
( 
وورث سليمان داود   ) نبوته وعلمه وملكه دون سائر أولاده وكان 
لداود  تسعة عشر ابنا ، وأعطي 
سليمان  ما أعطي 
داود  من الملك ، وزيد له تسخير الريح وتسخير الشياطين . قال 
مقاتل    : كان 
سليمان  أعظم ملكا من 
داود  وأقضى منه ، وكان داود أشد تعبدا من 
سليمان  ، وكان 
سليمان  شاكرا لنعم الله تعالى . 
( 
وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير   ) سمى صوت الطير منطقا لحصول الفهم منه ، كما يفهم من كلام الناس . روي عن 
كعب  قال صاح ورشان عند 
سليمان  عليه السلام ، فقال : أتدرون ما يقول ؟ قالوا : لا قال : إنه يقول لدوا للموت وابنوا للخراب ، وصاحت فاختة ، فقال : أتدرون ما تقول ؟ قالوا : لا قال : إنها تقول : ليت ذا الخلق لم يخلقوا ، وصاح طاوس ، فقال : أتدرون ما يقول ؟ قالوا : لا قال : فإنه يقول : كما تدين تدان ، وصاح هدهد ، فقال : أتدرون ما يقول هذا ؟ قالوا : لا قال : فإنه يقول : من لا يرحم لا يرحم ، وصاح صرد ، فقال : أتدرون ما يقول ؟ قالوا : لا قال : فإنه يقول : استغفروا الله يا مذنبين ، قال : وصاحت طوطى ، فقال : أتدرون ما تقول ؟ قالوا : لا قال : فإنها تقول : كل حي ميت وكل حديد بال ، وصاح خطاف ، فقال : أتدرون ما يقول ؟ قالوا : لا قال : فإنه يقول : قدموا خيرا تجدوه ، وهدرت حمامة ، فقال : أتدرون ما تقول ؟ قالوا : لا قال : فإنها تقول : سبحان ربي الأعلى ملء سمائه وأرضه ، وصاح قمري ، فقال : أتدرون ما يقول ؟ قالوا : لا قال : فإنه يقول : سبحان ربي الأعلى ، قال : والغراب يدعو على العشار ، والحدأة تقول : كل شيء هالك إلا الله ، والقطاة تقول : من سكت سلم ، والببغاء تقول : ويل لمن الدنيا همه ، والضفدع يقول : سبحان ربي القدوس ، والبازي يقول : سبحان ربي وبحمده ، والضفدعة تقول : سبحان المذكور بكل لسان   . وعن 
مكحول  قال : صاح دراج عند 
سليمان  ، فقال : هل تدرون ما يقول ؟ قالوا : لا قال : فإنه يقول : الرحمن على العرش استوى   .   
[ ص: 149 ] وعن 
فرقد السبخي  قال مر 
سليمان  على بلبل فوق شجر يحرك رأسه ويميل ذنبه ، فقال لأصحابه : أتدرون ما يقول هذا البلبل ؟ فقالوا الله ونبيه أعلم ، قال يقول : أكلت نصف تمرة فعلى الدنيا العفاء   . وروي أن جماعة من 
اليهود  قالوا 
 nindex.php?page=showalam&ids=11لابن عباس    : إنا سائلوك عن سبعة أشياء فإن أخبرتنا آمنا وصدقنا ، قال : سلوا تفقها ولا تسألوا تعنتا ، قالوا : أخبرنا ما يقول القنبر في صفيره ، والديك في صقيعه ، والضفدع في نقيقه ، والحمار في نهيقه ، والفرس في صهيله ، وماذا يقول الزرزور والدراج ؟ قال : نعم ، أما القنبر فيقول : اللهم العن مبغضي 
محمد  وآل 
محمد  ، وأما الديك فيقول : اذكروا الله يا غافلين ، وأما الضفدع فيقول : سبحان المعبود في لجج البحار ، وأما الحمار فيقول : اللهم العن العشار ، وأما الفرس فيقول : إذا التقى الصفان سبوح قدوس رب الملائكة والروح ، وأما الزرزور فيقول : اللهم إني أسألك قوت يوم بيوم يا رازق ، وأما الدراج فيقول : الرحمن على العرش استوى ، قال : فأسلم اليهود وحسن إسلامهم   . 
وروي عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=15639جعفر بن محمد الصادق  عن أبيه عن جده عن 
الحسين بن علي  قال : إذا صاح النسر قال : يا ابن 
آدم  ، عش ما شئت آخره الموت ، وإذا صاح العقاب قال : في البعد من الناس أنس ، وإذا صاح القنبر قال : إلهي العن مبغضي آل 
محمد  ، وإذا صاح الخطاف ، قرأ : الحمد لله رب العالمين ، ويمد الضالين كما يمد القارئ   . قوله تعالى : ( 
وأوتينا من كل شيء   ) يؤتى الأنبياء والملوك ، قال 
ابن عباس    : من أمر الدنيا والآخرة . وقال 
مقاتل    : يعني النبوة والملك وتسخير الجن والشياطين والرياح ( 
إن هذا لهو الفضل المبين   ) الزيادة الظاهرة على ما أعطى غيرنا . وروى أن 
سليمان  عليه السلام أعطي مشارق الأرض ومغاربها ، فملك سبعمائة سنة وستة أشهر ، ملك جميع أهل الدنيا من الجن والإنس والدواب والطير والسباع وأعطي على ذلك منطق كل شيء ، وفي زمانه صنعت الصنائع العجيبة .