( ياحسرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون   ( 30 ) 
ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون   ( 31 ) 
وإن كل لما جميع لدينا محضرون   ( 32 ) 
وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون   ( 33 ) ) 
( 
ياحسرة على العباد   ) قال 
عكرمة    : يعني يا حسرتهم على أنفسهم ، والحسرة : شدة الندامة ، وفيه قولان : أحدهما : يقول الله تعالى : يا حسرة وندامة وكآبة على العباد يوم القيامة حين لم يؤمنوا بالرسل . 
والآخر : أنه من قول الهالكين . قال 
أبو العالية    : لما عاينوا العذاب قالوا : يا حسرة أي : ندامة على العباد ، يعني : على الرسل الثلاثة حيث لم يؤمنوا بهم ، فتمنوا الإيمان حين لم ينفعهم . 
قال 
الأزهري    : الحسرة لا تدعى ، ودعاؤها تنبيه المخاطبين . وقيل : العرب تقول : يا حسرتا ! ويا عجبا ! على طريق المبالغة ، والنداء عندهم بمعنى التنبيه ، فكأنه يقول : أيها العجب هذا وقتك ؟ وأيتها الحسرة هذا أوانك ؟ 
حقيقة المعنى : أن هذا زمان الحسرة والتعجب . ثم بين سبب الحسرة والندامة ، فقال : ( 
ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون   ) . ) ( ألم يروا ) ألم يخبروا ، يعني : أهل 
مكة    ( 
كم أهلكنا قبلهم من القرون   ) والقرن : أهل كل عصر ، سموا بذلك لاقترانهم في الوجود ( 
أنهم إليهم لا يرجعون   ) أي : لا يعودون إلى الدنيا فلا يعتبرون بهم . ( 
وإن كل لما جميع   ) قرأ 
عاصم  وحمزة    : " لما " بالتشديد هاهنا وفي الزخرف والطارق ، ووافق 
ابن عامر  إلا في الزخرف ، ووافق 
أبو جعفر  في الطارق ، وقرأ الآخرون بالتخفيف . فمن شدد جعل " إن " بمعنى الجحد ، " ولما " بمعنى إلا تقديره : وما كل إلا جميع ، ومن خفف جعل " إن " للتحقيق " وما " صلة مجازه : وكل جميع ( 
لدينا محضرون   ) . ( 
وآية لهم الأرض الميتة أحييناها   ) بالمطر ( 
وأخرجنا منها حبا   ) يعني : الحنطة والشعير وما   
[ ص: 17 ] أشبههما ( 
فمنه يأكلون   ) أي : من الحب .