[ ص: 129 ]   ( 
أن تقول نفس ياحسرتا على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين   ( 56 ) 
أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين   ( 57 ) 
أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين   ( 58 ) 
بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين   ( 59 ) 
ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة أليس في جهنم مثوى للمتكبرين   ( 60 ) 
وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون   ( 61 ) ) 
( 
أن تقول نفس   ) يعني : لئلا تقول نفس ، كقوله : " 
وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم   " ( النحل - 15 ) أي : لئلا تميد بكم . قال 
المبرد    : أي بادروا واحذروا أن تقول نفس . وقال 
الزجاج    : خوف أن تصيروا إلى حال تقولون هذا القول . ( 
ياحسرتا   ) يا ندامتا ، والتحسر الاغتمام على ما فات ، وأراد : يا حسرتي ، على الإضافة ، لكن العرب تحول ياء الكناية ألفا في الاستغاثة ، فتقول : يا حسرتا ويا ندامتا ، وربما ألحقوا بها الياء بعد الألف ليدل على الإضافة . وكذلك قرأ 
أبو جعفر    ) ( يا حسرتاي ) ، وقيل : معنى قوله : " 
ياحسرتا   " يا أيتها الحسرة هذا وقتك ، ( 
على ما فرطت في جنب الله   ) قال 
الحسن    : قصرت في طاعة الله . وقال 
مجاهد    : في أمر الله . وقال 
سعيد بن جبير    : في حق الله . وقيل : ضيعت في ذات الله . وقيل : معناه قصرت في الجانب الذي يؤدي إلى رضاء الله . والعرب تسمي الجنب جانبا ) . ( 
وإن كنت لمن الساخرين   ) المستهزئين بدين الله وكتابه ورسوله والمؤمنين . قال 
قتادة    : لم يكفه أن ضيع طاعة الله حتى جعل يسخر بأهل طاعته . 
( 
أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين أو تقول حين ترى العذاب   ) عيانا ، ( 
لو أن لي كرة   ) رجعة إلى الدنيا ، ( 
فأكون من المحسنين   ) الموحدين . 
ثم يقال لهذا القائل : ( 
بلى قد جاءتك آياتي   ) يعني : القرآن ، ( 
فكذبت بها   ) وقلت إنها ليست من الله ، ( 
واستكبرت   ) تكبرت عن الإيمان بها ، ( 
وكنت من الكافرين   ) . 
( 
ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله   ) فزعموا أن له ولدا وشريكا ، ( 
وجوههم مسودة أليس في جهنم مثوى للمتكبرين   ) عن الإيمان . 
( 
وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم   ) قرأ 
حمزة  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي  ، 
وأبو بكر    : " بمفازاتهم " بالألف على   
[ ص: 130 ] الجمع أي : بالطرق التي تؤديهم إلى الفوز والنجاة ، وقرأ الآخرون : " بمفازتهم " على الواحد لأن المفازة بمعنى الفوز ، أي : ينجيهم بفوزهم من النار بأعمالهم الحسنة . قال 
المبرد    : المفازة مفعلة من الفوز ، والجمع حسن كالسعادة والسعادات . ( 
لا يمسهم السوء   ) لا يصيبهم المكروه ( 
ولا هم يحزنون   ) .