1. الرئيسية
  2. تفسير البغوي
  3. سورة الأحقاف
  4. تفسير قوله تعالى " قال إنما العلم عند الله وأبلغكم ما أرسلت به ولكني أراكم قوما تجهلون "
صفحة جزء
[ ص: 263 ] ( قال إنما العلم عند الله وأبلغكم ما أرسلت به ولكني أراكم قوما تجهلون ( 23 ) فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم ( 24 ) تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين ( 25 ) )

( قال ) هود ( إنما العلم عند الله ) وهو يعلم متى يأتيكم العذاب ( وأبلغكم ما أرسلت به ) من الوحي ( ولكني أراكم قوما تجهلون ) .

( فلما رأوه ) يعني ما يوعدون به من العذاب ( عارضا ) سحابا يعرض أي يبدو في ناحية من السماء ثم يطبق السماء ( مستقبل أوديتهم ) فخرجت عليهم سحابة سوداء من واد لهم يقال له : " المغيث " وكانوا قد حبس عنهم المطر ، فلما رأوها استبشروا ( قالوا هذا عارض ممطرنا ) يقول الله تعالى : ( بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم ) فجعلت الريح تحمل الفسطاط وتحمل الظعينة حتى ترى كأنها جرادة .

( تدمر كل شيء ) مرت به من رجال عاد وأموالها ، [ ( بأمر ربها ) ] فأول ما عرفوا أنها عذاب رأوا ما كان خارجا من ديارهم من الرجال والمواشي تطير بهم الريح بين السماء والأرض ، فدخلوا بيوتهم وأغلقوا أبوابهم فجاءت الريح فقلعت أبوابهم وصرعتهم ، وأمر الله الريح فأمالت عليهم الرمال ، فكانوا تحت الرمل سبع ليال وثمانية أيام ، لهم أنين ، ثم أمر الله الريح فكشفت عنهم الرمال فاحتملتهم فرمت بهم في البحر .

أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي ، أخبرنا أبو نعيم عبد الملك بن الحسن الإسفراييني ، أخبرنا أبو عوانة يعقوب بن إسحاق الحافظ ، أخبرنا يونس ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرنا عمرو بن الحارث ، أخبرنا النضر . حدثه عن سليمان بن يسار ، عن عائشة أنها قالت : ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستجمعا ضاحكا حتى أرى منه بياض لهواته ، وكان إذا رأى غيما أو ريحا عرف ذلك في وجهه ، فقلت : يا رسول الله إن الناس إذا رأوا الغيم فرحوا ، رجاء أن يكون فيه المطر ، وإذا رأيته عرف في وجهك الكراهية ، فقال : " يا عائشة ما يؤمنني أن يكون فيه عذاب ، قد عذب قوم بالريح ، وقد رأى قوم العذاب فقالوا : " هذا عارض ممطرنا " ، الآية .

( فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم ) قرأ عاصم ، وحمزة ، ويعقوب : " يرى " بضم الياء " مساكنهم " برفع النون يعني : لا يرى شيء إلا مساكنهم ، وقرأ الآخرون بالتاء وفتحها ، " مساكنهم " [ ص: 264 ] نصب؛ يعني لا ترى أنت يا محمد إلا مساكنهم لأن السكان والأنعام بادت بالريح ، فلم يبق إلا هود ومن آمن معه . ( كذلك نجزي القوم المجرمين ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية