1. الرئيسية
  2. تفسير البغوي
  3. سورة القلم
  4. تفسير قوله تعالى " وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون "
صفحة جزء
( وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون ( 51 ) وما هو إلا ذكر للعالمين ( 52 ) )

( وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم ) وذلك أن الكفار أرادوا أن يصيبوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالعين فنظر إليه قوم من قريش وقالوا : ما رأينا مثله ولا مثل حججه .

وقيل : كانت العين في بني أسد حتى كانت الناقة والبقرة السمينة تمر بأحدهم فيعاينها ثم يقول : يا جارية خذي المكتل والدراهم فأتينا بشيء من لحم هذه فما تبرح حتى تقع [ ص: 202 ] بالموت فتنحر .

وقال الكلبي : كان رجل من العرب يمكث لا يأكل يومين أو ثلاثا ثم يرفع جانب خبائه فتمر به الإبل فيقول : لم أر كاليوم إبلا ولا غنما أحسن من هذه ، فما تذهب إلا قليلا حتى تسقط منها طائفة وعدة ، فسأل الكفار هذا الرجل أن يصيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالعين ويفعل به مثل ذلك ، فعصم الله نبيه وأنزل : " وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم " أي ويكاد ودخلت اللام في " ليزلقونك " لمكان " إن " وقرأ أهل المدينة : " ليزلقونك " بفتح الياء ، والآخرون بضمها وهما لغتان ، يقال : زلقه يزلقه زلقا وأزلقه يزلقه إزلاقا .

قال ابن عباس : معناه : ينفذونك ، ويقال : زلق السهم : إذا أنفذ .

قال السدي : يصيبونك بعيونهم . قال النضر بن شميل : يعينونك . وقيل : يزيلونك .

وقال الكلبي : يصرعونك . وقيل : يصرفونك عما أنت عليه من تبليغ الرسالة .

قال ابن قتيبة : ليس يريد أنهم يصيبونك بأعينهم كما يصيب العائن بعينه ما يعجبه ، وإنما أراد أنهم ينظرون إليك إذا قرأت القرآن نظرا شديدا بالعداوة والبغضاء ، يكاد يسقطك .

وقال الزجاج : يعني من شدة عداوتهم يكادون بنظرهم نظر البغضاء أن يصرعوك . وهذا مستعمل في [ كلام العرب ] يقول القائل : نظر إلي نظرا يكاد يصرعني ، ونظرا يكاد يأكلني . يدل على صحة هذا المعنى : أنه قرن هذا النظر بسماع القرآن ، وهو قوله : ( لما سمعوا الذكر ) وهم كانوا يكرهون ذلك أشد الكراهية فيحدون إليه النظر بالبغضاء ( ويقولون إنه لمجنون ) أي ينسبونه إلى الجنون إذا سمعوه يقرأ القرآن . فقال الله تعالى :

( وما هو ) يعني القرآن ( إلا ذكر للعالمين ) قال ابن عباس : موعظة للمؤمنين . قال [ ص: 203 ] الحسن : دواء إصابة العين أن يقرأ الإنسان هذه الآية .

أخبرنا أبو علي حسان بن سعيد المنيعي ، أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي ، حدثنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان ، أخبرنا أحمد بن يوسف السلمي ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر عن همام بن منبه قال حدثنا أبو هريرة رضي الله تعالى عنه قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " العين حق " ونهى عن الوشم .

أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي ، حدثنا السيد أبو الحسن محمد بن الحسين بن داود العلوي ، أخبرنا أبو نصر بن محمد بن حمدويه بن سهل المروزي ، حدثنا محمود [ بن آدم المروزي ] حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عروة بن عامر ، عن عبيد بن رفاعة الزرقي أن أسماء بنت عميس قالت : يا رسول الله إن بني جعفر تصيبهم العين أفأسترقي لهم ؟ قال : " نعم فلو كان شيء يسبق القضاء لسبقته العين " .

التالي السابق


الخدمات العلمية