[ ص: 38 ]   ( 
ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون   ( 44 ) 
إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين   ( 45 ) ) 
( 
ويكلم الناس في المهد وكهلا ومن الصالحين   ( 46 ) ) 
قوله تعالى : ( 
ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك   ) يقول 
لمحمد  صلى الله عليه وسلم ( ذلك ) الذي ذكرت من 
حديث زكريا  ويحيى  ومريم  وعيسى    ( من أنباء الغيب ) أي من أخبار الغيب ( نوحيه إليك ) رد الكناية إلى ذلك فلذلك ذكره ( وما كنت ) يا 
محمد    ( 
لديهم إذ يلقون أقلامهم   ) سهامهم في الماء للاقتراع ( 
أيهم يكفل مريم   ) يحضنها ويربيها ( 
وما كنت لديهم إذ يختصمون   ) في كفالتها . 
قوله تعالى : ( 
إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم   ) إنما قال : اسمه رد الكناية إلى 
عيسى  واختلفوا في أنه لم سمي مسيحا ، منهم من قال : هو فعيل بمعنى المفعول يعني أنه مسح من الأقذار وطهر من الذنوب ، وقيل : لأنه مسح بالبركة ، وقيل : لأنه خرج من بطن أمه ممسوحا بالدهن ، وقيل مسحه 
جبريل  بجناحه حتى لم يكن للشيطان عليه سبيل ، وقيل : لأنه كان مسيح القدم لا أخمص له ، وسمي الدجال مسيحا لأنه كان ممسوح إحدى العينين ، وقال بعضهم هو فعيل بمعنى الفاعل ، مثل عليم وعالم قال 
ابن عباس  رضي الله عنهما سمي مسيحا لأنه ما مسح ذا عاهة إلا برأ ، وقيل : سمي بذلك لأنه كان يسيح في الأرض ولا يقيم في مكان ، وعلى هذا القول تكون الميم فيه زائدة وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي    : المسيح الصديق ويكون المسيح بمعنى الكذاب وبه سمي الدجال والحرف من الأضداد ( وجيها ) أي : شريفا رفيعا ذا جاه وقدر ( 
في الدنيا والآخرة ومن المقربين   ) عند الله 
( 
ويكلم الناس في المهد   ) صغيرا قبل أوان الكلام كما ذكره في سورة مريم قال : " 
إني عبد الله آتاني الكتاب   " ( الآية - 30 ) وحكي عن 
مجاهد  قال : قالت 
مريم    : كنت إذا خلوت أنا 
وعيسى  حدثني وحدثته فإذا شغلني عنه إنسان سبح في بطني وأنا أسمع قوله   ( وكهلا ) قال 
مقاتل    : يعني إذا اجتمع قبل أن يرفع إلى السماء وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=14127الحسين بن الفضل    : ( وكهلا ) بعد نزوله من السماء وقيل : أخبرها أنه يبقى حتى يكتهل ، وكلامه بعد الكهولة إخباره عن الأشياء المعجزة ، وقيل : ( وكهلا ) نبيا بشرها بنبوة 
عيسى  عليه السلام وكلامه في المهد معجزة وفي الكهولة دعوة وقال 
مجاهد    : ( وكهلا ) أي حليما . والعرب تمدح الكهولة لأنها الحالة الوسطى في احتناك السن واستحكام العقل وجودة الرأي والتجربة ( 
ومن الصالحين   )   
[ ص: 39 ] أي : هو من العباد الصالحين