[ ص: 367 ]   ( 
وما أدراك ما عليون   ( 19 ) 
كتاب مرقوم   ( 20 ) 
يشهده المقربون   ( 21 ) 
إن الأبرار لفي نعيم   ( 22 ) 
على الأرائك ينظرون   ( 23 ) 
تعرف في وجوههم نضرة النعيم   ( 24 ) 
يسقون من رحيق مختوم   ( 25 ) 
ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون   ( 26 ) ) 
( 
وما أدراك ما عليون كتاب مرقوم   ) ليس بتفسير عليين ، أي مكتوب أعمالهم ، كما ذكرنا في كتاب الفجار . وقيل : كتب هناك ما أعد الله لهم من الكرامة ، وهو معنى قول 
مقاتل    : وقولهم : رقم لهم يخبر . وتقدير الآية [ على ] التقديم والتأخير ، مجازها : إن كتاب الأبرار [ كتاب ] مرقوم في عليين ، وهو محل الملائكة ، ومثله إن كتاب الفجار كتاب مرقوم في سجين ، وهو محل إبليس وجنده . 
( 
يشهده المقربون   ) يعني الملائكة الذين هم في عليين ، يشهدون ويحضرون ذلك المكتوب أو ذلك الكتاب إذا صعد به إلى عليين . ( 
إن الأبرار لفي نعيم على الأرائك ينظرون   ) إلى ما أعطاهم الله من الكرامة والنعمة ، وقال 
مقاتل    : ينظرون إلى عدوهم كيف يعذبون . 
( 
تعرف في وجوههم نضرة النعيم   ) إذا رأيتهم عرفت أنهم من أهل النعمة مما ترى في وجوههم من النور والحسن والبياض ، قال 
الحسن    : النضرة في الوجه والسرور في القلب ، وقرأ 
أبو جعفر  ويعقوب    : " تعرف " بضم التاء وفتح الراء على غير تسمية الفاعل " نضرة " رفع ، وقرأ الباقون بفتح التاء وكسر الراء " نضرة " نصب . 
( 
يسقون من رحيق   ) خمر صافية طيبة . قال 
مقاتل    : الخمر البيضاء . ( مختوم ) ختم ومنع من أن تمسه يد إلى أن يفك ختمه الأبرار ، وقال 
مجاهد    : " مختوم " أي مطين . 
( ختامه ) أي طينه ( مسك ) كأنه ذهب إلى هذا المعنى ، قال 
ابن زيد    : ختامه عند الله مسك ، وختام [ خمر ] الدنيا طين . وقال 
ابن مسعود    : " مختوم " أي ممزوج ختامه أي : آخر طعمه   
[ ص: 368 ] وعاقبته مسك ، فالمختوم الذي له ختام ، أي آخر ، وختم كل شيء الفراغ منه . وقال 
قتادة    : يمزج لهم بالكافور ويختم بالمسك . 
وقراءة العامة " 
ختامه مسك   " بتقديم التاء ، وقرأ 
الكسائي    " خاتمه " وهي قراءة 
علي  وعلقمة ،  ومعناهما واحد ، كما يقال : فلان كريم [ الطابع والطباع ] والختام والخاتم ، آخر كل شيء . 
( 
وفي ذلك فليتنافس المتنافسون   ) فليرغب الراغبون بالمبادرة إلى طاعة الله - عز وجل - . وقال 
مجاهد    : فليعمل العاملون ، [ نظيره قوله تعالى : " 
لمثل هذا فليعمل العاملون   " ( الصافات - 61 ) ] وقال 
مقاتل بن سليمان    : فليتنازع المتنازعون وقال 
عطاء    : فليستبق المستبقون ، وأصله من الشيء النفيس الذي تحرص عليه نفوس الناس ، ويريده كل أحد لنفسه وينفس به على غيره ، أي يضن .