( 
وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون   ( 78 ) 
ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون   ( 79 ) ) 
قوله تعالى : ( 
وإن منهم لفريقا   ) يعني : من 
أهل الكتاب  لفريقا أي : طائفة ، وهم 
كعب بن الأشرف  ومالك بن الصيف  وحيي بن أخطب  وأبو ياسر  وشعبة بن عمر الشاعر ،    ( 
يلوون ألسنتهم بالكتاب   ) أي : يعطفون ألسنتهم بالتحريف والتغيير وهو ما غيروا من صفة النبي صلى الله عليه وسلم وآية الرجم وغير ذلك ، يقال : لوى لسانه على كذا أي : غيره ، ( لتحسبوه ) أي : لتظنوا ما حرفوا ( من الكتاب ) الذي أنزله الله تعالى ، ( 
وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب   ) عمدا ، ( وهم يعلمون ) أنهم كاذبون ، وقال 
الضحاك  عن 
ابن عباس    : إن الآية نزلت في 
اليهود  والنصارى  جميعا وذلك أنهم حرفوا التوراة والإنجيل وألحقوا بكتاب الله ما ليس منه . 
قوله تعالى : ( 
ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب   ) الآية قال 
مقاتل  والضحاك    : ما كان لبشر يعني : 
عيسى  عليه السلام ، وذلك 
أن نصارى نجران  كانوا يقولون : إن عيسى  أمرهم أن يتخذوه ربا فقال   
[ ص: 60 ] تعالى : ( 
ما كان لبشر   ) يعني : 
عيسى    ( 
أن يؤتيه الله الكتاب   ) الإنجيل . 
وقال 
ابن عباس   nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء    : ( 
ما كان لبشر   ) يعني 
محمدا    ( 
أن يؤتيه الله الكتاب   ) أي القرآن ، وذلك 
أن أبا رافع القرظي  من اليهود ، والرئيس من نصارى أهل نجران قالا يا محمد تريد أن نعبدك ونتخذك ربا فقال : معاذ الله أن نأمر بعبادة غير الله ما بذلك أمرني الله ، ولا بذلك أمرني فأنزل الله تعالى هذه الآية ( ما كان لبشر   ) أي ما ينبغي لبشر ، كقوله تعالى : " 
ما يكون لنا أن نتكلم بهذا   " ( سورة ، النور الآية : 16 ) أي ما ينبغي لنا ، والبشر : جميع بني 
آدم  لا واحد له من لفظه ، كالقوم والجيش ويوضع موضع الواحد والجمع ، ( 
أن يؤتيه الله الكتاب والحكم   ) الفهم والعلم وقيل : إمضاء الحكم عن الله عز وجل ، ( والنبوة ) المنزلة الرفيعة بالأنبياء ، ( 
ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا   ) أي : ولكن يقول كونوا ، ( ربانيين ) 
واختلفوا فيه قال 
علي   nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس  والحسن    : كونوا فقهاء علماء وقال 
قتادة    : حكماء وعلماء وقال 
سعيد بن جبير    : العالم الذي يعمل بعلمه ، وعن 
سعيد بن جبير  عن 
ابن عباس    : فقهاء معلمين . 
وقيل : الرباني الذي يربي الناس بصغار العلم قبل كباره ، وقال 
عطاء    : علماء حكماء نصحاء لله في خلقه ، قال 
أبو عبيدة    : سمعت رجلا عالما يقول : الرباني العالم بالحلال والحرام والأمر والنهي ، العالم بأنباء الأمة ما كان وما يكون ، وقيل : الربانيون فوق الأحبار ، والأحبار : العلماء ، والربانيون : الذين جمعوا مع العلم البصارة بسياسة الناس . 
قال 
المؤرج    : كونوا ربانيين تدينون لربكم ، من الربوبية ، كان في الأصل ربي فأدخلت الألف للتفخيم ، ثم أدخلت النون لسكون الألف ، كما قيل : صنعاني وبهراني . 
وقال 
المبرد    : هم أرباب العلم سموا به لأنهم يربون العلم ، ويقومون به ويربون المتعلمين بصغار العلوم   
[ ص: 61 ] قبل كبارها ، وكل من قام بإصلاح شيء وإتمامه فقد ربه يربه ، واحدها : " ربان " ( كما قالوا : ريان ) وعطشان وشبعان وعريان ثم ضمت إليه ياء النسبة كما قالوا : لحياني ورقباني . 
وحكي عن 
علي  رضي الله عنه أنه قال : هو الذي يرب علمه ، بعمله قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12691محمد بن الحنفية  لما مات 
ابن عباس    : اليوم مات رباني هذه الأمة . ( بما كنتم ) أي : بما أنتم ، كقوله تعالى : " 
من كان في المهد صبيا   " ( سورة مريم الآية 29 ) أي : من هو في المهد ( 
تعلمون الكتاب   ) قرأ 
ابن عامر  وعاصم  وحمزة   nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي    " تعلمون " بالتشديد من التعليم وقرأ الآخرون " تعلمون " بالتخفيف من العلم كقوله : ( 
وبما كنتم تدرسون   ) أي : تقرءون .