( 
فإن مع العسر يسرا   ( 5 ) 
إن مع العسر يسرا   ( 6 ) ) 
( 
فإن مع العسر يسرا   ) أي مع الشدة التي أنت فيها من جهاد المشركين يسر ورخاء بأن يظهرك عليهم حتى ينقادوا للحق الذي جئتهم به ، " 
إن مع العسر يسرا   " كرره لتأكيد الوعد وتعظيم الرجاء . 
وقال 
الحسن  لما نزلت هذه الآية قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " 
أبشروا ، قد جاءكم اليسر ، لن يغلب   [ ص: 465 ] عسر يسرين   " . 
قال 
ابن مسعود  رضي الله تعالى عنه : لو كان العسر في جحر لطلبه اليسر حتى يدخل ، إنه لن يغلب عسر يسرين   . 
قال المفسرون : ومعنى قوله : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=815928  " لن يغلب عسر يسرين " أن الله تعالى كرر العسر بلفظ المعرفة واليسر بلفظ النكرة ، ومن عادة العرب إذا ذكرت اسما معرفا ، ثم أعادته كان الثاني هو الأول ، وإذا ذكرت نكرة ثم أعادته مثله صار اثنين ، وإذا أعادته معرفة فالثاني هو الأول ، كقولك : إذا كسبت ، درهما أنفقت درهما ، فالثاني غير الأول ، وإذا قلت : إذا كسبت درهما فأنفق الدرهم ، فالثاني هو الأول ، فالعسر في الآية مكرر بلفظ التعريف ، فكان عسرا واحدا ، واليسر مكرر بلفظ [ التنكير ] ، فكانا يسرين ، فكأنه قال : فإن مع العسر يسرا ، إن مع ذلك العسر يسرا آخر . 
وقال 
أبو علي [ الحسن ] بن يحيى بن نصر الجرجاني  صاحب " النظم " تكلم الناس في قوله : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=815928لن يغلب عسر يسرين   " ، فلم يحصل منه غير قولهم : إن العسر معرفة واليسر نكرة ، فوجب أن يكون عسر واحد ويسران ، وهذا قول مدخول ، إذا قال الرجل : إن مع الفارس سيفا [ إن مع الفارس سيفا ] ، فهذا لا يوجب أن يكون الفارس واحدا والسيف اثنين ، فمجاز قوله : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=815928لن يغلب عسر يسرين   " أن الله بعث نبيه - صلى الله عليه وسلم - وهو مقل مخف ، فكانت 
قريش  تعيره بذلك ، حتى قالوا : إن كان بك طلب الغنى جمعنا لك مالا حتى تكون كأيسر 
أهل مكة ،   فاغتم النبي لذلك ، فظن أن قومه إنما يكذبونه لفقره ، فعدد الله نعمه عليه في هذه السورة ، ووعده الغنى ، ليسليه بذلك عما خامره من الغم ، فقال : " 
فإن مع العسر يسرا   " ، مجازه : لا يحزنك ما يقولون فإن مع العسر يسرا في الدنيا عاجلا ثم أنجزه ما وعده ، وفتح عليه القرى العربية ووسع عليه ذات يده ، حتى كان يعطي المئين من الإبل ، ويهب الهبات السنية ، ثم ابتدأ فضلا آخر من أمر الآخرة ، فقال : إن مع العسر يسرا ، والدليل على ابتدائه : تعريه من الفاء والواو ، وهذا وعد لجميع المؤمنين ، ومجازه : إن مع العسر   
[ ص: 466 ] يسرا ، أي : إن 
مع العسر في الدنيا للمؤمن يسرا في الآخرة ، فربما اجتمع له اليسران يسر الدنيا وهو ما ذكره في الآية الأولى ويسر الآخرة وهو ما ذكره في الآية الثانية ، فقوله - عليه السلام - : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=815928لن يغلب عسر يسرين   " أي : لن يغلب عسر ، الدنيا اليسر الذي وعده للمؤمنين في الدنيا واليسر الذي وعدهم في الآخرة ، وإنما يغلب أحدهما ، هو يسر الدنيا ، وأما يسر الآخرة فدائم غير زائل ، أي لا يجمعهما في الغلبة ، كقوله - صلى الله عليه وسلم - : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=815929  " شهرا عيد لا ينقصان " أي لا يجتمعان في النقصان .