[ ص: 231 ]   ( 
يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت وكان أمر الله مفعولا   ( 47 ) ) 
قوله عز وجل : ( 
ياأيها الذين أوتوا الكتاب   ) يخاطب 
اليهود ،    ( 
آمنوا بما نزلنا   ) يعني : القرآن ، ( 
مصدقا لما معكم   ) يعني : التوراة ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كلم أحبار 
اليهود    : 
عبد الله بن صوريا  وكعب بن الأشرف ،  فقال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=814421  " يا معشر اليهود  اتقوا الله وأسلموا ، فوالله إنكم لتعلمون أن الذي جئتكم به لحق " ، قالوا : ما نعرف ذلك ، وأصروا على الكفر ، فنزلت هذه الآية . 
( 
من قبل أن نطمس وجوها   ) قال 
ابن عباس    : نجعلها كخف البعير ، وقال 
قتادة  والضحاك    : نعميها ، والمراد بالوجه العين ، ( 
فنردها على أدبارها   ) أي : نطمس الوجه فنرده على القفا ، وقيل : نجعل الوجوه منابت الشعر كوجوه القردة ، لأن منابت شعور الآدميين في أدبارهم دون وجوههم ، وقيل : معناه نمحو آثارها وما فيها من أنف وعين وفم وحاجب فنجعلها كالأقفاء ، وقيل : نجعل عينيه على القفا فيمشي قهقرى . 
روي أن 
 nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام  رضي الله عنه لما سمع هذه الآية جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يأتي أهله ، ويده على وجهه ، وأسلم وقال : يا رسول الله ما كنت أرى أن أصل إليك حتى يتحول وجهي في قفاي ، وكذلك 
كعب الأحبار  لما سمع هذه الآية أسلم في زمن 
عمر  رضي الله عنه ، فقال : يا رب آمنت ، يا رب أسلمت ، مخافة أن يصيبه وعيد هذه الآية . 
فإن قيل : قد أوعدهم بالطمس إن لم يؤمنوا ثم لم يؤمنوا ولم يفعل بهم ذلك؟ . 
قيل : هذا الوعيد باق ، ويكون 
طمس ومسخ في اليهود  قبل قيام الساعة   . 
وقيل : كان هذا وعيدا بشرط ، فلما أسلم 
 nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام  وأصحابه دفع ذلك عن الباقين . 
وقيل : أراد به القيامة ، وقال 
مجاهد  أراد بقوله : ( 
نطمس وجوها   ) أي : نتركهم في الضلالة ، فيكون المراد طمس وجه القلب ، والرد عن بصائر الهدى على أدبارها في الكفر والضلالة . 
وأصل الطمس : المحو والإفساد والتحويل ، وقال 
ابن زيد    : نمحو آثارهم من وجوههم ونواحيهم التي   
[ ص: 232 ] هم بها ، فنردها على أدبارهم؟ حتى يعودوا إلى حيث جاءوا منه بدءا وهو 
الشام ،  وقال : قد مضى ذلك ، وتأوله في إجلاء 
بني النضير  إلى 
أذرعات  وأريحاء  من 
الشام    ( 
أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت   ) فنجعلهم قردة وخنازير ، ( 
وكان أمر الله مفعولا   ) .