( 
أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا   ( 63 ) 
وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما   ( 64 ) 
فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما   ( 65 ) ) 
( 
أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم   ) من النفاق ، أي : علم أن ما في قلوبهم خلاف ما في ألسنتهم ، ( 
فأعرض عنهم   ) أي : عن عقوبتهم وقيل : فأعرض عن قبول عذرهم وعظهم باللسان ، وقل لهم قولا بليغا ، وقيل : هو التخويف بالله ، وقيل : أن توعدهم بالقتل إن لم يتوبوا ، قال 
الحسن    : القول البليغ أن يقول لهم : إن أظهرتم ما في قلوبكم من النفاق قتلتم لأنه يبلغ من نفوسهم كل مبلغ ، وقال 
الضحاك    : ( 
فأعرض عنهم وعظهم   ) في الملإ ( 
وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا   ) في السر والخلاء ، وقال : قيل هذا منسوخ بآية القتال . 
قوله عز وجل ( وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله   ) أي : بأمر الله لأن طاعة الرسول وجبت بأمر الله ، قال 
الزجاج    : ليطاع بإذن الله لأن الله قد أذن فيه وأمر به ، وقيل : إلا ليطاع كلام تام كاف ، بإذن الله تعالى أي : بعلم الله وقضائه ، أي : وقوع طاعته يكون بإذن الله ، ( 
ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم   ) بتحاكمهم إلى الطاغوت ( 
جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما   ) 
قوله تعالى : ( 
فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك   ) الآية .   
[ ص: 245 ] 
أخبرنا 
عبد الواحد المليحي ،  أنا 
أحمد بن عبد الله النعيمي ،  أنا 
محمد بن يوسف ،  أنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070محمد بن إسماعيل ،  أنا 
أبو اليمان ،  أنا 
شعيب ،  عن 
الزهري ،  أخبرني 
عروة بن الزبير    : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=814437أن الزبير  رضي الله عنه كان يحدث أنه خاصم رجلا من الأنصار  قد شهد بدرا  إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في شراج من الحرة كانا يسقيان به . كلاهما ، فقال رسول الله للزبير    : اسق يا زبير ،  ثم أرسل إلى جارك ، فغضب الأنصاري ، ثم قال : يا رسول الله أن كان ابن عمتك؟ فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قال للزبير    : اسق ثم احبس الماء حتى يبلغ الجدر ، فاستوعى رسول الله صلى الله عليه وسلم حينئذ 
للزبير  حقه ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ذلك أشار على 
الزبير  برأي أراد به سعة له وللأنصاري ، فلما أحفظ الأنصاري رسول الله صلى الله عليه وسلم استوعى 
للزبير  حقه في صريح الحكم . 
قال 
عروة    : قال 
الزبير    : والله ما أحسب هذه الآية إلا نزلت في ذلك ( 
فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم   ) الآية . 
وروي أن الأنصاري الذي خاصم 
الزبير  كان اسمه 
 nindex.php?page=showalam&ids=195حاطب بن أبي بلتعة  فلما خرجا مر على 
المقداد  فقال : لمن كان القضاء ، فقال الأنصاري : قضى لابن عمته ولوى شدقه ففطن له يهودي كان مع 
المقداد ،  فقال : قاتل الله هؤلاء يشهدون أنه رسول الله ثم يتهمونه في قضاء يقضي بينهم ، وايم الله لقد أذنبنا ذنبا مرة في حياة 
موسى  عليه السلام فدعا 
موسى  إلى التوبة منه ، فقال : اقتلوا أنفسكم ففعلنا فبلغ قتلانا سبعين ألفا في طاعة ربنا حتى رضي عنا ، فقال
 nindex.php?page=showalam&ids=215ثابت بن قيس بن شماس    : أما والله إن الله ليعلم مني الصدق ولو أمرني 
محمد  أن أقتل نفسي لفعلت ، فأنزل الله في شأن 
 nindex.php?page=showalam&ids=195حاطب بن أبي بلتعة    : ( 
فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك   ) . 
وقال 
مجاهد   nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي    : نزلت في 
بشر  المنافق واليهودي اللذين اختصما إلى 
عمر  رضي الله عنه . 
قوله تعالى : ( فلا ) أي : ليس الأمر كما يزعمون أنهم مؤمنون ثم لا يرضون بحكمك ، ثم استأنف   
[ ص: 246 ] القسم ( 
وربك لا يؤمنون   ) ويجوز أن يكون ( لا ) في قوله ( فلا ) صلة ، كما في قوله ( فلا أقسم ) حتى يحكموك : أي يجعلوك حكما ، ( 
فيما شجر بينهم   ) أي : اختلف واختلط من أمورهم والتبس عليهم حكمه ، ومنه الشجر لالتفاف أغصانه بعضها ببعض ، ( 
ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا   ) قال 
مجاهد    : شكا ، وقال غيره : ضيقا ، ( 
مما قضيت   ) قال 
الضحاك    : إثما ، أي : يأثمون بإنكارهم ما قضيت ، ( 
ويسلموا تسليما   ) أي : وينقادوا لأمرك انقيادا .