صفحة جزء
( لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعا عليما ( 148 ) إن تبدوا خيرا أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فإن الله كان عفوا قديرا ( 149 ) )

قوله : ( لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم ) يعني : لا يحب الله الجهر بالقبح من القول إلا من ظلم ، فيجوز للمظلوم أن يخبر عن ظلم الظالم وأن يدعو عليه ، قال الله تعالى : " ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل " ( الشورى - 41 ) ، قال الحسن : دعاؤه عليه أن يقول : اللهم أعني عليه اللهم استخرج حقي منه ، وقيل : إن شتم جاز أن يشتم بمثله لا يزيد عليه .

أخبرنا أبو عبد الله الخرقي ، أنا أبو الحسن الطيسفوني ، أنا عبد الله بن عمر الجوهري ، أنا أحمد بن علي الكشميهني ، أنا علي بن حجر ، أخبرنا إسماعيل بن جعفر ، أنا العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " المستبان ما قالا فعلى البادئ ما لم يعتد المظلوم " .

وقال مجاهد هذا في الضيف إذا نزل بقوم فلم يقروه ولم يحسنوا ضيافته فله أن يشكو ويذكر ما صنع به . أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل ، أنا قتيبة بن سعيد ، أنا الليث ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن أبي الخير ، عن عقبة بن عامر ، أنه قال : قلنا يا رسول الله إنك تبعثنا فننزل بقوم فلا يقروننا فما ترى؟ فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف فاقبلوا فإن لم يفعلوا فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغي لهم " .

وقرأ الضحاك بن مزاحم وزيد بن أسلم : ( إلا من ظلم ) بفتح الظاء واللام ، معناه : لكن الظالم اجهروا له بالسوء من القول ، وقيل معناه : لا يحب الله الجهر بالسوء من القول لكن يجهر من ظلم ، والقراءة الأولى هي المعروفة ، ( وكان الله سميعا ) لدعاء المظلوم ، ( عليما ) بعقاب الظالم .

قوله تعالى : ( إن تبدوا خيرا ) يعني : حسنة فيعمل بها كتبت له عشرا ، وإن هم بها ولم يعملها كتبت له حسنة واحدة ، وهو قوله ( أو تخفوه ) وقيل المراد من الخير : المال ، يريد : إن تبدوا صدقة تعطونها جهرا أو تخفوها فتعطوها سرا ، ( أو تعفوا عن سوء ) أي : عن مظلمة ، ( فإن الله كان عفوا قديرا ) أولى بالتجاوز عنكم يوم القيامة .

التالي السابق


الخدمات العلمية