1. الرئيسية
  2. تفسير البغوي
  3. سورة البقرة
  4. تفسير قوله تعالى " وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة قل أتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده "
صفحة جزء
( وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة قل أتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون ( 80 ) بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ( 81 ) والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون ( 82 ) وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنا وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ثم توليتم إلا قليلا منكم وأنتم معرضون ( 83 ) )

( وقالوا ) يعني اليهود ( لن تمسنا النار ) [ لن تصيبنا النار ] ( إلا أياما معدودة ) قدرا مقدرا ثم يزول عنا العذاب ويعقبه النعيم واختلفوا في هذه الآية ، قال ابن عباس ومجاهد : كانت اليهود يقولون : هذه الدنيا سبعة آلاف سنة ، وإنما نعذب بكل ألف سنة يوما واحدا ثم ينقطع العذاب بعد سبعة أيام . وقال قتادة وعطاء : يعنون أربعين يوما التي عبد فيها آباؤهم العجل ، وقال الحسن وأبو العالية : قالت اليهود : إن ربنا عتب علينا في أمرنا ، فأقسم ليعذبنا أربعين يوما فلن تمسنا النار إلا أربعين يوما تحلة القسم ، فقال الله عز وجل تكذيبا لهم : ( قل ) يا محمد ( أتخذتم عند الله ) ألف استفهام دخلت على ألف الوصل ، عند الله ( عهدا ) موثقا أن لا يعذبكم إلا هذه المدة ( فلن يخلف الله عهده ) ووعده قال ابن مسعود : عهدا بالتوحيد ، يدل عليه قوله تعالى : " إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا " ( 87 - مريم ) يعني : قوله لا إله إلا الله ( أم تقولون على الله ما لا تعلمون )

ثم قال ( بلى ) وبل وبلى : حرفا استدراك ومعناهما نفي الخبر الماضي وإثبات الخبر المستقبل ( من كسب سيئة ) يعني الشرك ( وأحاطت به خطيئته ) قرأ أهل المدينة خطيئاته بالجمع ، والإحاطة الإحداق بالشيء من جميع نواحيه ، قال ابن عباس وعطاء والضحاك وأبو العالية والربيع وجماعة : هي الشرك يموت عليه ، وقيل : السيئة الكبيرة . والإحاطة به أن يصر عليها فيموت غير تائب ، قاله عكرمة والربيع بن خثيم وقال مجاهد : هي الذنوب تحيط بالقلب ، كلما أذنب ذنبا ارتفعت [ ص: 117 ] ( حتى تغشى ) القلب وهي الرين . قال الكلبي : أوبقته ذنوبه ، دليله قوله تعالى ( إلا أن يحاط بكم ) ( 66 - يوسف ) أي تهلكوا ( فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون )

قوله تعالى : ( وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل ) في التوراة ، والميثاق العهد الشديد ( لا تعبدون إلا الله ) قرأ ابن كثير وحمزة والكسائي ( لا يعبدون ) بالياء وقرأ الآخرون بالتاء لقوله تعالى وقولوا للناس حسنا " معناه ألا تعبدوا فلما حذف أن صار الفعل مرفوعا ، وقرأ أبي بن كعب : لا تعبدوا إلا الله على النهي ( وبالوالدين إحسانا ) أي ووصيناهم بالوالدين إحسانا ، برا بهما وعطفا عليهما ونزولا عند أمرهما ، فيما لا يخالف أمر الله تعالى ( وذي القربى ) أي وبذي القرابة والقربى مصدر كالحسنى ( واليتامى ) جمع يتيم وهو الطفل الذي لا أب له ( والمساكين ) يعني الفقراء ( وقولوا للناس حسنا ) صدقا وحقا في شأن محمد صلى الله عليه وسلم فمن سألكم عنه فاصدقوه وبينوا صفته ولا تكتموا أمره ، هذا قول ابن عباس وسعيد بن جبير وابن جريج ومقاتل ، وقال سفيان الثوري : مروهم بالمعروف وانهوهم عن المنكر ، وقيل : هو اللين في القول والمعاشرة بحسن الخلق . وقرأ حمزة والكسائي ويعقوب : حسنا بفتح الحاء والسين أي قولا حسنا ( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ثم توليتم ) أعرضتم عن العهد والميثاق ( إلا قليلا منكم ) وذلك أن قوما منهم آمنوا ( وأنتم معرضون ) كإعراض آبائكم .

التالي السابق


الخدمات العلمية