[ ص: 109 ]   ( 
ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب وأكثرهم لا يعقلون   ( 103 ) ) 
قوله عز وجل : ( ما جعل الله من بحيرة   ) أي : ما أنزل الله ولا أمر به ، ( 
ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام   ) قال 
ابن عباس  في بيان هذه [ الأوضاع ] البحيرة هي الناقة التي كانت إذا ولدت خمسة أبطن بحروا أذنها ، أي : شقوها وتركوا الحمل عليها وركوبها ، ولم يجزوا وبرها ولم يمنعوها الماء والكلأ ثم نظروا إلى خامس ولدها فإن كان ذكرا نحروه وأكله الرجال والنساء ، وإن كان أنثى بحروا أذنها ، أي : شقوها وتركوها وحرم على النساء لبنها ومنافعها ، وكانت منافعها خاصة للرجال ، فإذا ماتت حلت للرجال والنساء   . 
وقيل : كانت الناقة إذا تابعت اثنتي عشرة سنة إناثا سيبت فلم يركب ظهرها ولم يجز وبرها ولم يشرب لبنها إلا ضيف ، فما نتجت بعد ذلك من أنثى شق أذنها ثم خلي سبيلها مع أمها في الإبل ، فلم تركب ولم يجز وبرها ولم يشرب لبنها إلا ضيف ، كما فعل بأمها ، فهي البحيرة بنت السائبة . 
وقال 
أبو عبيد    : السائبة البعير الذي يسيب ، وذلك أن الرجل من أهل الجاهلية كان إذا مرض وغاب له قريب نذر فقال إن شفاني الله تعالى أو شفي مريضي أو عاد غائبي ، فناقتي هذه سائبة ، ثم يسيبها فلا تحبس عن رعي ولا ماء ولا يركبها أحد فكانت بمنزلة البحيرة . 
وقال 
علقمة    : هو العبد يسيب على أن لا ولاء عليه ولا عقل ولا ميراث . وقال صلى الله عليه وسلم : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=814590إنما الولاء لمن أعتق   " . 
والسائبة فاعلة بمعنى المفعولة ، وهي المسيبة ، كقوله تعالى ( ماء دافق ) أي : مدفوق و ) ( عيشة راضية )   
[ ص: 108 ] 
وأما الوصيلة : فمن الغنم ، كانت الشاة إذا ولدت سبعة أبطن فإذا كان السابع ذكرا ذبحوه ، فأكل منه الرجال والنساء ، وإن كانت أنثى تركوها في الغنم وإن كان ذكرا وأنثى استحيوا الذكر من أجل الأنثى ، وقالوا : وصلت أخاها فلم يذبحوه ، وكان لبن الأنثى حراما على النساء ، فإن مات منها شيء أكله الرجال والنساء جميعا . 
وأما الحام : فهو الفحل إذا ركب ولد ولده ، ويقال : إذا نتج من صلبه عشرة أبطن ، قالوا : حمي ظهره فلا يركب ولا يحمل عليه ولا يمنع من كلأ ولا ماء ، فإذا مات أكله الرجال والنساء . 
أخبرنا 
عبد الواحد بن أحمد المليحي  أنا 
أحمد بن عبد الله النعيمي  أنا 
محمد بن يوسف  أنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070محمد بن إسماعيل  أنا 
إبراهيم بن سعد  عن 
صالح بن كيسان  عن 
ابن شهاب  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب  قال : البحيرة التي يمنح درها للطواغيت فلا يحلبها أحد من الناس ، والسائبة كانوا يسيبونها لآلهتهم لا يحمل عليها شيء . 
قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة    : [ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=814591رأيت عمرو بن عامر الخزاعي  يجر قصبه في النار ، وكان أول من سيب السوائب   " . 
روى 
محمد بن إسحاق  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16900محمد بن إبراهيم التيمي  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12045أبي صالح السمان  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة    ] قال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=814592قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأكثم بن جون الخزاعي    : " يا أكثم  رأيت عمرو بن لحي بن قمعة [ بن خندق    ] يجر قصبه في النار فما رأيت رجلا أشبه برجل منك به ولا به منك " وذلك أنه أول من غير دين إسماعيل  ونصب الأوثان وبحر البحيرة وسيب السائبة ، ووصل الوصيلة وحمى الحام ، " فلقد رأيته في النار يؤذي أهل النار بريح قصبه " ، فقال أكثم    : أيضرني شبهه يا رسول الله؟ فقال : " لا إنك مؤمن وهو كافر   " . 
قوله عز وجل : ( 
ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب   ) في قولهم الله أمرنا بها ( 
وأكثرهم لا يعقلون   ) .