(
إن الله فالق الحب والنوى يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي ذلكم الله فأنى تؤفكون ( 95 )
فالق الإصباح وجعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا ذلك تقدير العزيز العليم ( 96 )
وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون ( 97 )
وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون ( 98 ) )
قوله عز وجل : ( إن الله فالق الحب والنوى ) الفلق : الشق ، قال
الحسن وقتادة nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي : معناه يشق الحبة عن السنبلة والنواة عن النخلة فيخرجها منها ، والحب جمع الحبة ، وهي اسم لجميع البذور والحبوب من البر والشعير والذرة ، وكل ما لم يكن له نوى ، [ وقال
الزجاج : يشق الحبة اليابسة والنواة اليابسة فيخرج منها أوراقا خضرا .
وقال
مجاهد : يعني الشقين اللذين فيهما ، أي : يشق الحب عن النبات ويخرجه منه ويشق النوى عن النخل ويخرجها منه ] .
والنوى جمع النواة ، وهي كل ما لم يكن حبا ، كالتمر والمشمش والخوخ ونحوها .
وقال
الضحاك : فالق الحب والنوى يعني : خالق الحب والنوى ، (
يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي ذلكم الله فأنى تؤفكون ) تصرفون عن الحق .
(
فالق الإصباح ) شاق عمود الصبح عن ظلمة الليل وكاشفه [ وهو أول ما يبدو من النهار
[ ص: 171 ] يريد : مبدئ الصبح وموضحه ] .
وقال
الضحاك : خالق النهار ، والإصباح مصدر كالإقبال والإدبار ، وهو الإضاءة وأراد به الصبح . (
وجعل الليل سكنا ) يسكن فيه خلقه ، وقرأ
أهل الكوفة : " وجعل " على الماضي ، " الليل " نصب اتباعا للمصحف ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي (
فالق الإصباح وجعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا ) أي : جعل الشمس والقمر بحساب معلوم لا يجاوزانه حتى ينتهيا إلى أقصى منازلهما ، والحسبان مصدر كالحساب ، (
ذلك تقدير العزيز العليم )
قوله عز وجل : (
وهو الذي جعل لكم النجوم ) أي خلقها لكم ، (
لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر )
والله تعالى
خلق النجوم لفوائد :
أحدها هذا : وهو أن [ راكب البحر ] والسائر في القفار يهتدي بها في الليالي إلى مقاصده .
والثاني : أنها زينة للسماء كما قال : "
ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح " ( الملك ، 5 ) .
ومنها : رمي الشياطين ، كما قال : "
وجعلناها رجوما للشياطين " ، ( الملك ، 5 ) .
(
قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون )
(
وهو الذي أنشأكم ) خلقكم وابتدأكم ، (
من نفس واحدة ) يعني :
آدم عليه السلام ، (
فمستقر ومستودع ) قرأ
ابن كثير وأهل البصرة " فمستقر " بكسر القاف ، يعني : فمنكم مستقر ومنكم مستودع ، وقرأ الآخرون بفتح القاف ، أي : فلكم مستقر ومستودع .
واختلفوا في المستقر والمستودع ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود : فمستقر في الرحم إلى أن يولد ، ومستودع في القبر إلى أن يبعث .
وقال
سعيد بن جبير nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء : فمستقر في أرحام الأمهات ومستودع في أصلاب الآباء ، وهو رواية
عكرمة عن
ابن عباس قال
سعيد بن جبير : قال لي
ابن عباس هل تزوجت قلت : لا قال : إنه ما كان من مستودع في ظهرك فيستخرجه الله عز وجل .
وروي عن
أبي أنه قال : مستقر في أصلاب الآباء ، ومستودع في أرحام الأمهات .
وقيل : مستقر في الرحم ومستودع فوق الأرض ، قال الله تعالى : "
ونقر في الأرحام ما نشاء " ( الحج ، 5 ) .
[ ص: 172 ] وقال
مجاهد : مستقر على ظهر الأرض في الدنيا ومستودع عند الله في الآخرة ، ويدل عليه قوله تعالى : "
ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين " ( البقرة ، 36 ) .
وقال
الحسن : المستقر في القبور والمستودع في الدنيا ، وكان يقول : يا ابن آدم أنت وديعة في أهلك ويوشك أن تلحق بصاحبك .
وقيل : المستودع القبر والمستقر الجنة والنار ، لقوله عز وجل في صفة الجنة والنار : "
حسنت مستقرا " ( الفرقان ، 76 ) "
ساءت مستقرا " ( الفرقان ، 66 ) ، (
قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون ) .