[ ص: 237 ]   ( 
ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين   ( 55 ) 
ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفا وطمعا إن رحمة الله قريب من المحسنين   ( 56 ) ) 
( 
ادعوا ربكم تضرعا   ) تذللا واستكانة ، ( وخفية ) أي سرا . قال 
الحسن    : بين دعوة السر ودعوة العلانية سبعون ضعفا ، ولقد كان المسلمون يجتهدون في الدعاء وما يسمع لهم صوت ، وإن كان إلا همسا بينهم وبين ربهم ، وذلك أن الله سبحانه يقول : " 
ادعوا ربكم تضرعا وخفية   " ، وإن الله ذكر عبدا صالحا ورضي فعله فقال : " إذ نادى ربه نداء خفيا " مريم - 3 . ( 
إنه لا يحب المعتدين   ) قيل : المعتدين في الدعاء ، وقال 
أبو مجلز    : هم الذين يسألون منازل الأنبياء عليهم السلام . 
أخبرنا 
عمر بن عبد العزيز الفاشاني  ، أنبأنا 
القاسم بن جعفر الهاشمي  ، أنبأنا 
أبو علي محمد بن أحمد اللؤلؤي  ، ثنا 
أبو داود السجستاني  ، حدثنا 
موسى بن إسماعيل  ، حدثنا 
حماد  يعني 
ابن سلمة  ، أنبأنا 
سعيد الجريري  ، عن 
أبي نعامة  أن 
عبد الله بن مغفل  سمع ابنه يقول : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=814665اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها ، فقال : يا بني سل الله الجنة وتعوذ من النار ، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " إنه سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطهور والدعاء "   . 
وقيل : أراد به 
الاعتداء بالجهر والصياح قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج    : من الاعتداء رفع الصوت والنداء بالدعاء والصياح . 
وروينا عن 
أبي موسى  قال 
nindex.php?page=hadith&LINKID=814666لما غزا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيبر  أشرف الناس على واد فرفعوا أصواتهم بالتكبير ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أربعوا على أنفسكم ، إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا ، إنكم تدعون سميعا قريبا "   . وقال 
عطية    : هم الذين يدعون على المؤمنين فيما لا يحل ، فيقولون : اللهم أخزهم اللهم العنهم .   
[ ص: 238 ]   ( ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها   ) أي لا تفسدوا فيها بالمعاصي والدعاء إلى غير طاعة الله بعد إصلاح الله إياها ببعث الرسل وبيان الشريعة ، والدعاء إلى طاعة الله ، وهذا معنى قول 
الحسن   nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي  والضحاك  والكلبي    . 
وقال 
عطية    : لا تعصوا في الأرض فيمسك الله المطر ويهلك الحرث بمعاصيكم   . فعلى هذا معنى قوله : " بعد إصلاحها " أي : بعد إصلاح الله إياها بالمطر والخصب . 
( 
وادعوه خوفا وطمعا   ) أي : خوفا منه ومن عذابه ، وطمعا فيما عنده من مغفرته وثوابه . وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج    : خوف العدل وطمع الفضل . ( 
إن رحمة الله قريب من المحسنين   ) ولم يقل قريبة ، قال 
سعيد بن جبير    : الرحمة هاهنا الثواب فرجع النعت إلى المعنى دون اللفظ كقوله : ( 
وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه   ) النساء - 8 ولم يقل منها لأنه أراد الميراث والمال . 
وقال 
الخليل بن أحمد    : القريب والبعيد يستوي فيهما في اللغة : المذكر والمؤنث والواحد والجمع . قال 
أبو عمرو بن العلاء    : القريب في اللغة يكون بمعنى القرب وبمعنى المسافة ، تقول العرب : هذه امرأة قريبة منك إذا كانت بمعنى القرابة ، وقريب منك إذا كانت بمعنى المسافة .