( 
وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود   ( 125 ) ) 
قال الله تعالى ( 
وإذ جعلنا البيت   ) يعني 
الكعبة    ( 
مثابة للناس   ) مرجعا لهم ، قال 
مجاهد   nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير    : يأتون إليه من كل جانب ويحجون ، وقال 
ابن عباس  رضي الله عنهما : معاذا وملجأ وقال 
قتادة  وعكرمة    : مجمعا ( وأمنا ) أي مأمنا يأمنون فيه من إيذاء المشركين ، فإنهم ما كانوا يتعرضون 
لأهل مكة  ويقولون : هم أهل الله ويتعرضون لمن حوله كما قال الله تعالى : " 
أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم   ( 67 - العنكبوت ) . 
أخبرنا 
عبد الواحد المليحي  أنا 
أحمد بن عبد الله النعيمي  أنا 
محمد بن يوسف  أنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070محمد بن إسماعيل  أنا 
علي بن عبد الله  أنا 
جرير  عن 
منصور  عن 
مجاهد  عن طاووس عن 
ابن عباس  رضي الله عنهما قال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=3502129قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة : " إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض ، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة ، لا يعضد شوكه ولا ينفر صيده ، ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها ، ولا يختلى خلاه " فقال العباس : يا رسول الله إلا الإذخر فإنه لقينهم ولبيوتهم : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إلا الإذخر " . 
قوله تعالى : ( واتخذوا ) قرأ 
نافع  وابن عامر  بفتح الخاء على الخبر ، وقرأ الباقون بكسر الخاء على الأمر ( 
من مقام إبراهيم مصلى   ) قال 
ابن يمان  المسجد كله مقام 
إبراهيم ،  وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي    : الحرم كله مقام 
إبراهيم ،  وقيل : أراد بمقام 
إبراهيم  جميع مشاهد الحج ، مثل 
عرفة  ومزدلفة  وسائر المشاهد . 
والصحيح أن 
مقام إبراهيم  هو 
الحجر  الذي في المسجد يصلي إليه الأئمة ، وذلك 
الحجر  الذي قام   
[ ص: 147 ] عليه 
إبراهيم  عليه السلام عند بناء 
البيت ،  وقيل : كان أثر أصابع رجليه بينا فيه فاندرس من كثرة المسح بالأيدي ، قال 
قتادة  ومقاتل   nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي    : أمروا بالصلاة عند مقام 
إبراهيم  ولم يؤمروا بمسحه وتقبيله . 
أخبرنا 
عبد الواحد المليحي  أنا 
أحمد بن عبد الله النعيمي  أنا 
محمد بن يوسف  أنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070محمد بن إسماعيل  أنا 
مسدد  عن 
يحيى بن حميد  عن 
أنس  قال  : قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب  رضي الله عنه : " وافقت الله في ثلاث ، أو وافقني ربي في ثلاث قلت : يا رسول الله لو اتخذت مقام إبراهيم مصلى ؟ فأنزل الله تعالى ( 
واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى   ) وقلت : يا رسول الله ، يدخل عليك البر والفاجر فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب ؟ فأنزل الله عز وجل آية الحجاب ، قال وبلغني معاتبة النبي صلى الله عليه وسلم بعض نسائه فدخلت عليهن فقلت لهن : إن انتهيتن ، أو ليبدلنه الله خيرا منكن ، فأنزل الله تعالى : " 
عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن   " الآية ( 5 - التحريم ) . 
ورواه 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070محمد بن إسماعيل  أيضا عن 
عمرو بن عوف  أنا 
هشيم  عن 
حميد  عن 
أنس  رضي الله عنه قال : 
قال عمر  رضي الله عنه : وافقت ربي في ثلاث قلت يا رسول الله لو اتخذت من 
مقام إبراهيم  مصلى فنزلت ( 
واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى   ) . 
وأما بدء قصة 
المقام  فقد روى 
سعيد بن جبير  عن 
ابن عباس  رضي الله عنهما قال : لما أتى 
إبراهيم  عليه وسلم 
بإسماعيل  وهاجر  ووضعهما 
بمكة ،  وأتت على ذلك مدة ، ونزلها 
الجرهميون  وتزوج 
إسماعيل  منهم امرأة وماتت 
هاجر ،  واستأذن 
إبراهيم  سارة  أن يأتي 
هاجر ،  فأذنت له وشرطت عليه أن لا ينزل فقدم 
إبراهيم  مكة ،  وقد ماتت 
هاجر ،  فذهب إلى بيت 
إسماعيل  فقال لامرأته : أين صاحبك ؟ قال ذهب للصيد وكان 
إسماعيل  عليه السلام يخرج من 
الحرم  فيصيد ، فقال لها 
إبراهيم    : هل عندك ضيافة ؟ قالت ليس عندي ضيافة ، وسألها عن عيشهم ؟ فقالت : نحن في ضيق وشدة ، فشكت إليه فقال لها : إذا جاء زوجك فأقرئيه السلام وقولي له فليغير عتبة بابه ، فذهب 
إبراهيم  فجاء 
إسماعيل  فوجد ريح أبيه فقال لامرأته : هل جاءك أحد ؟ قالت : جاءني شيخ صفته كذا وكذا كالمستخفة بشأنه قال فما قال لك ؟ قالت قال أقرئي زوجك السلام وقولي له فليغير عتبة بابه ، قال ذلك أبي وقد أمرني أن أفارقك الحقي بأهلك ، فطلقها وتزوج منهم أخرى ، فلبث 
إبراهيم  ما شاء الله أن يلبث ، ثم استأذن 
سارة  أن يزور 
إسماعيل  فأذنت له وشرطت عليه أن لا ينزل ، فجاء 
إبراهيم  عليه السلام حتى انتهى إلى باب 
إسماعيل  فقال   
[ ص: 148 ] لامرأته أين صاحبك ؟ قالت ذهب يتصيد وهو يجيء الآن إن شاء الله ، فانزل يرحمك الله ، قال : هل عندك ضيافة ؟ قالت : نعم فجاءت باللبن واللحم ، وسألها عن عيشهم ؟ فقالت : نحن بخير وسعة ، فدعا لهما بالبركة ولو جاءت يومئذ بخبز بر أو شعير وتمر لكانت أكثر أرض الله برا أو شعيرا أو تمرا ، فقالت له : انزل حتى أغسل رأسك ، فلم ينزل فجاءته 
بالمقام  فوضعته عن شقه الأيمن فوضع قدمه عليه فغسلت شق رأسه الأيمن ثم حولت إلى شقه الأيسر فغسلت شق رأسه الأيسر فبقي أثر قدميه عليه ، فقال لها : إذا جاء زوجك فأقرئيه السلام وقولي له قد استقامت عتبة بابك ، فلما جاء 
إسماعيل  ، وجد ريح أبيه فقال لامرأته : هل جاءك أحد ؟ قالت : نعم شيخ أحسن الناس وجها وأطيبهم ريحا ، وقال لي كذا وكذا وقلت له كذا وكذا ، وغسلت رأسه وهذا موضع قدميه فقال : ذاك 
إبراهيم  النبي أبي ، وأنت العتبة أمرني أن أمسكك   . 
وروي عن 
سعيد بن جبير  عن 
ابن عباس  رضي الله عنهما قال : ثم لبث عنهم ما شاء الله ثم جاء بعد ذلك 
وإسماعيل  يبري نبلا تحت دومة قريبا من 
زمزم ،  فلما رآه قام إليه فصنعا كما يصنع الوالد بالولد ، والولد بالوالد ثم قال : يا 
إسماعيل  إن الله تعالى أمرني بأمر تعينني عليه ؟ قال : أعينك قال : إن الله أمرني أن أبني هاهنا بيتا ، فعند ذلك رفعا القواعد من البيت فجعل 
إسماعيل  يأتي بالحجارة 
وإبراهيم يبني  حتى ارتفع البناء جاء بهذا الحجر فوضعه له ، فقام 
إبراهيم  على حجر 
المقام  وهو يبني 
وإسماعيل  يناوله الحجارة وهما يقولان ( 
ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم   ) وفي الخبر : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=3502130  " الركن والمقام ياقوتتان من يواقيت الجنة ولولا ما مسته أيدي المشركين لأضاء ما بين المشرق والمغرب " . 
قوله عز وجل ( 
وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل   ) أي أمرناهما وأوحينا إليهما ، قيل : سمي 
إسماعيل  ؛ لأن 
إبراهيم  كان يدعو الله أن يرزقه ولدا ويقول : اسمع يا إيل وإيل هو الله فلما رزق سماه الله به ( 
أن طهرا بيتي   ) يعني 
الكعبة  أضافه إليه تخصيصا وتفضيلا أي ابنياه على الطهارة والتوحيد ، وقال 
سعيد بن جبير   nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء    : طهراه من الأوثان والريب وقول الزور ، وقيل : بخراه وخلقاه ، قرأ 
أهل المدينة  وحفص    ( بيتي ) بفتح الياء هاهنا وفي سورة الحج ، وزاد حفص في سورة 
نوح    ( للطائفين ) الدائرين حوله ( والعاكفين ) المقيمين المجاورين ( والركع ) جمع راكع ( السجود ) جمع ساجد وهم المصلون قال 
الكلبي  ومقاتل :   
[ ص: 149 ]   " الطائفين " هم الغرباء ، و " العاكفين " 
أهل مكة ،   قال 
عطاء  ومجاهد  وعكرمة    : الطواف للغرباء أفضل ، والصلاة لأهل مكة أفضل .