( 
وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم   ( 10 ) 
إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام   ( 11 ) 
إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان   ( 12 ) ) 
قوله تعالى : ( 
وما جعله الله   ) يعني : الإمداد بالملائكة ، ( 
إلا بشرى   ) أي : بشارة ( 
ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم   ) 
( 
إذ يغشيكم النعاس   ) قرأ 
ابن كثير  وأبو عمرو    : " يغشاكم " بفتح الياء ، " النعاس " رفع على أن الفعل له ، كقوله تعالى في سورة آل عمران " 
أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم   " ( آل عمران - 154 )   
[ ص: 334 ] وقرأ 
أهل المدينة    : " يغشيكم " بضم الياء وكسر الشين مخففا ، " النعاس " نصب ، كقوله تعالى : " 
كأنما أغشيت وجوههم   " ، وقرأ الآخرون بضم الياء وكسر الشين مشددا ، " النعاس " نصب ، على أن الفعل لله - عز وجل - ، كقوله تعالى : " 
فغشاها ما غشى   " ( النجم - 54 ) ، والنعاس : النوم الخفيف . ( أمنة ) أمنا ( منه ) مصدر أمنت أمنا وأمنة وأمانا . قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود  رضي الله عنه : النعاس في القتال أمنة من الله وفي الصلاة وسوسة من الشيطان   . 
( 
وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به   ) وذلك أن المسلمين نزلوا يوم 
بدر  على كثيب أعفر ، تسوخ فيه الأقدام وحوافر الدواب ، وسبقهم المشركون إلى ماء 
بدر  وأصبح المسلمون بعضهم محدثين وبعضهم مجنبين ، وأصابهم الظمأ ، ووسوس إليهم الشيطان ، وقال : تزعمون أنكم على الحق وفيكم نبي الله وأنكم أولياء الله وقد غلبكم المشركون على الماء وأنتم تصلون محدثين ومجنبين ، فكيف ترجون أن تظهروا عليهم؟ فأرسل الله - عز وجل - عليهم مطرا سال منه الوادي فشرب المؤمنون واغتسلوا ، وتوضأوا وسقوا الركاب ، وملئوا الأسقية ، وأطفأ الغبار ، ولبد الأرض حتى ثبتت عليها الأقدام ، وزالت عنهم وسوسة الشيطان ، وطابت أنفسهم ، فذلك قوله تعالى : " 
وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به   " من الأحداث والجنابة . 
( 
ويذهب عنكم رجز الشيطان   ) وسوسته ، ( 
وليربط على قلوبكم   ) باليقين والصبر ( 
ويثبت به الأقدام   ) حتى لا تسوخ في الرمل بتلبيد الأرض . وقيل : يثبت به الأقدام بالصبر وقوة القلب . 
( 
إذ يوحي ربك إلى الملائكة   ) الذين أمد بهم المؤمنين ، ( 
أني معكم   ) بالعون والنصر ، ( 
فثبتوا الذين آمنوا   ) أي : قووا قلوبهم . قيل : ذلك التثبيت حضورهم معهم القتال ومعونتهم ، أي : ثبتوهم بقتالكم معهم المشركين . 
وقال 
مقاتل    : أي : بشروهم بالنصر ، وكان الملك يمشي أمام الصف في صورة الرجل ويقول : أبشروا فإن الله ناصركم . ( 
سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب   ) قال 
عطاء    : يريد الخوف من أوليائي ، ( 
فاضربوا فوق الأعناق   ) قيل : هذا خطاب مع المؤمنين . وقيل : هذا خطاب مع الملائكة ، وهو متصل بقوله " 
فثبتوا الذين آمنوا   " ، وقوله : " 
فوق الأعناق   " قال 
عكرمة    : يعني الرءوس لأنها فوق الأعناق . وقال 
الضحاك    : معناه فاضربوا الأعناق ، وفوق صلة كما قال تعالى : " 
فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب   " ، ( محمد - 4 ) ، وقيل : معناه فاضربوا على الأعناق . فوق بمعنى : على .   
[ ص: 335 ] 
( 
واضربوا منهم كل بنان   ) قال 
عطية    : يعني كل مفصل . وقال 
ابن عباس   nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج  والضحاك    : يعني الأطراف . والبنان جمع بنانة ، وهي أطراف أصابع اليدين والرجلين . قال 
ابن الأنباري    : ما كانت الملائكة تعلم كيف يقتل الآدميون ، فعلمهم الله - عز وجل - . 
أخبرنا 
إسماعيل بن عبد القادر الجرجاني  ، أنا 
عبد الغافر بن محمد الفارسي  ، أنا 
محمد بن عيسى الجلودي  ، ثنا 
إبراهيم بن محمد بن سفيان  ، ثنا 
مسلم بن الحجاج  ، ثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=11997زهير بن حرب  ، ثنا 
عمرو بن يونس الحنفي  ، ثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=16585عكرمة بن عمار  ، ثنا 
أبو زميل هو سماك الحنفي  ثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس  قال : بينما 
nindex.php?page=hadith&LINKID=814711رجل من المسلمين يومئذ في أثر رجل من المشركين أمامه ، إذا سمع ضربة بالسوط فوقه ، وصوت الفارس يقول : أقدم حيزوم ، إذ نظر إلى المشرك أمامه فخر مستلقيا ، فنظر إليه فإذا هو قد حطم أنفه وشق وجهه كضربة السوط فاخضر ذلك أجمع ، فجاء الأنصاري فحدث ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : " صدقت ، ذلك من مدد السماء الثالثة "   . 
فقتلوا يومئذ سبعين وأسروا سبعين وروي عن 
أبي داود المازني  وكان شهد 
بدرا  قال : إني لأتبع رجلا من المشركين لأضربه إذ وقع رأسه قبل أن يصل إليه سيفي ، فعرفت أنه قد قتله غيري   . 
وروى 
 nindex.php?page=showalam&ids=131أبو أمامة بن سهل بن حنيف  عن أبيه قال : والله ، لقد رأيتنا يوم 
بدر  ، وإن أحدنا ليشير بسيفه إلى المشرك ، فيقع رأسه عن جسده قبل أن يصل إليه السيف   . 
وقال 
عكرمة  ، قال 
أبو رافع  مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " كنت غلاما 
 nindex.php?page=showalam&ids=18للعباس بن عبد المطلب  رضي الله عنه ، وكان الإسلام قد دخلنا أهل البيت ، وأسلمت 
أم الفضل  وأسلمت ، وكان 
العباس  يهاب قومه ويكره خلافهم ، وكان يكتم إسلامه ، وكان ذا مال كثير متفرق في قومه ، وكان 
أبو لهب  عدو الله قد تخلف عن 
بدر  وبعث مكانه 
العاص بن هشام بن المغيرة  ، فلما جاءه الخبر عن مصاب أصحاب 
بدر  كبته الله وأخزاه ، ووجدنا في أنفسنا قوة وعزا وكنت رجلا ضعيفا وكنت أعمل القداح وأنحتها في حجرة زمزم ، فوالله إني لجالس أنحت القداح ، وعندي 
أم الفضل  جالسة ، إذ أقبل الفاسق 
أبو لهب  يجر رجليه حتى جلس على طنب الحجرة ، فكان ظهره إلى ظهري ، فبينما هو جالس إذ قال الناس هذا 
 nindex.php?page=showalam&ids=9809أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب  قد قدم ، فقال 
أبو لهب    : إلي يا ابن أخي فعندك الخبر ، فجلس   
[ ص: 336 ] إليه والناس قيام عليه ، قال : يا ابن أخي أخبرني كيف كان أمر الناس؟ قال : لا شيء والله إن كان إلا أن لقيناهم فمنحناهم أكتافنا يقتلوننا ويأسروننا كيف شاءوا وأيم الله مع ذلك ما لمت الناس ، لقينا رجالا بيضا على خيل بلق بين السماء والأرض ، لا والله ما تليق شيئا ولا يقوم لها شيء ، قال 
أبو رافع  فرفعت طنب الحجرة بيدي ، ثم قلت : تلك والله الملائكة ، قال فرفع 
أبو لهب  يده فضرب وجهي ضربة شديدة ، فثاورته ، فاحتملني فضرب بي الأرض ، ثم برك علي يضربني ، وكنت رجلا ضعيفا فقامت 
أم الفضل  إلى عمود من عمد الحجرة ، فأخذته فضربته به ضربة فلقت في رأسه شجة منكرة ، وقالت : تستضعفه أن غاب عنه سيده؟ فقام موليا ذليلا فوالله ما عاش إلا سبع ليال حتى رماه الله بالعدسة فقتلته "   . 
وروى 
مقسم  عن 
ابن عباس  قال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=814712كان الذي أسر العباس  أبو اليسر  ، كعب بن عمرو أخو بني سلمة  ، وكان أبو اليسر  رجلا مجموعا ، وكان العباس  رجلا جسيما ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي اليسر  ، كيف أسرت العباس؟  قال : يا رسول الله لقد أعانني عليه رجل ما رأيته قبل ذلك ولا بعده ، هيئته كذا وكذا ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لقد أعانك عليه ملك كريم " .