( 
لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا لاتبعوك ولكن بعدت عليهم الشقة وسيحلفون بالله لو استطعنا لخرجنا معكم يهلكون أنفسهم والله يعلم إنهم لكاذبون   ( 42 ) 
عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين   ( 43 ) 
لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم والله عليم بالمتقين   ( 44 ) 
إنما يستأذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر وارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون   ( 45 ) 
ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين   ( 46 ) . 
( 
لو كان عرضا قريبا   ) واسم كان مضمر ، أي : لو كان ما تدعونهم إليه عرضا قريبا ، أي : غنيمة قريبة المتناول ، ( 
وسفرا قاصدا   ) أي قريبا هينا ، ( 
لاتبعوك   ) لخرجوا معك ، ( 
ولكن بعدت عليهم الشقة   ) أي : المسافة ، والشقة : السفر البعيد ، لأنه يشق على الإنسان . وقيل : الشقة الغاية التي يقصدونها ، ( 
وسيحلفون بالله لو استطعنا لخرجنا معكم يهلكون أنفسهم   ) يعني باليمين الكاذبة ، ( 
والله يعلم إنهم لكاذبون   ) في أيمانهم وإيمانهم ، لأنهم كانوا مستطيعين . 
( 
عفا الله عنك   ) قال 
عمرو بن ميمون    : اثنان فعلهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يؤمر بهما : إذنه للمنافقين ، وأخذه الفدية من أسارى بدر ، فعاتبه الله كما تسمعون   .   
[ ص: 55 ] قال 
سفيان بن عيينة    : انظروا إلى هذا اللطف بدأ بالعفو قبل أن يعيره بالذنب . 
وقيل : إن الله عز وجل وقره ورفع محله بافتتاح الكلام بالدعاء له ، كما يقول الرجل لمن يخاطبه إذا كان كريما عنده : عفا الله عنك ما صنعت في حاجتي؟ ورضي الله عنك ألا زرتني . وقيل معناه : أدام الله لك العفو . 
( 
لم أذنت لهم   ) أي : في التخلف عنك ( 
حتى يتبين لك الذين صدقوا   ) في أعذارهم ، ( 
وتعلم الكاذبين   ) فيها ، أي : تعلم من لا عذر له . قال 
ابن عباس  رضي الله عنه : لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرف المنافقين يومئذ . 
( 
لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم   ) أي : لا يستأذنك في التخلف ، ( 
والله عليم بالمتقين   ) . 
( 
إنما يستأذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر وارتابت قلوبهم   ) أي شكت ونافقت ، ( 
فهم في ريبهم يترددون   ) متحيرين . 
( 
ولو أرادوا الخروج   ) إلى الغزو ، ( 
لأعدوا له   ) أي : لهيئوا له ( 
عدة   ) أهبة وقوة من السلاح والكراع ، ( 
ولكن كره الله انبعاثهم   ) خروجهم ، ( 
فثبطهم   ) منعهم وحبسهم عن الخروج ، ( 
وقيل اقعدوا   ) في بيوتكم ، ( 
مع القاعدين   ) يعني : مع المرضى والزمنى . وقيل : مع النسوان والصبيان . قوله عز وجل : ( وقيل ) أي : قال بعضهم لبعض : اقعدوا . وقيل : أوحى إلى قلوبهم وألهموا أسباب الخذلان .