( 
قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون   ( 144 ) ) 
قوله تعالى : ( 
قد نرى تقلب وجهك في السماء   ) هذه الآية وإن كانت متأخرة في التلاوة فهي متقدمة في المعنى فإنها رأس القصة ، وأمر القبلة أول ما نسخ من أمور الشرع ، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يصلون 
بمكة  إلى 
الكعبة ،  فلما هاجر إلى 
المدينة  أمره الله أن يصلي نحو 
صخرة بيت المقدس  ليكون أقرب إلى تصديق 
اليهود  إياه إذا صلى إلى قبلتهم مع ما يجدون من نعته في التوراة فصلى بعد الهجرة ستة عشر أو سبعة عشر شهرا إلى 
بيت المقدس  وكان يحب أن يوجه إلى 
الكعبة  لأنها كانت قبلة أبيه 
إبراهيم  عليه السلام ، وقال 
مجاهد    : كان يحب ذلك لأجل 
اليهود  لأنهم كانوا يقولون يخالفنا 
محمد  صلى الله عليه وسلم في ديننا ويتبع قبلتنا ، فقال 
لجبريل  عليه السلام : وددت لو حولني الله إلى 
الكعبة  فإنها قبلة أبي 
إبراهيم  عليه السلام ، فقال 
جبريل    : إنما أنا عبد مثلك وأنت كريم على ربك ، فسل أنت ربك فإنك عند الله عز وجل بمكان [ فرجع ] 
جبريل  عليه السلام وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يديم النظر إلى السماء رجاء أن ينزل 
جبريل  بما يحب من أمر القبلة فأنزل الله تعالى ( 
قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة   ) فلنحولنك إلى قبلة ( ترضاها ) أي تحبها وتهواها ( فول ) أي حول ( 
وجهك شطر المسجد الحرام   ) أي نحوه وأراد به 
الكعبة  والحرام المحرم ( 
وحيثما كنتم   ) من بر أو بحر أو شرق أو غرب ( 
فولوا وجوهكم شطره   ) عند الصلاة . 
أخبرنا 
عبد الواحد بن أحمد المليحي  أخبرنا 
أحمد بن عبد الله النعيمي  أخبرنا 
محمد بن يوسف  أخبرنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070محمد بن إسماعيل  أخبرنا 
إسحاق بن نصر  أخبرنا 
عبد الرزاق  أخبرنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج  عن 
عطاء  قال سمعت 
ابن عباس  رضي الله عنهما : قال 
nindex.php?page=hadith&LINKID=3502140لما دخل النبي صلى الله عليه وسلم البيت دعا في نواحيه كلها ولم يصل حتى   [ ص: 162 ] خرج منه ، فلما خرج ركع ركعتين في قبل الكعبة    ( وقال هذه القبلة )   . 
أخبرنا 
عبد الواحد المليحي  أخبرنا 
أحمد بن عبد الله النعيمي  أخبرنا 
محمد بن يوسف  أخبرنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070محمد بن إسماعيل  أخبرنا 
عمرو بن خالد  أخبرنا 
زهير  أخبرنا 
أبو إسحاق  عن 
البراء  أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أول ما قدم 
المدينة  نزل على أجداده أو قال أخواله من 
الأنصار  وأنه صلى قبل 
بيت المقدس  ستة عشر أو سبعة عشر شهرا ، وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت ، وأنه صلى أول صلاة صلاها صلاة العصر وصلى معه قوم فخرج رجل ممن صلى معه فمر على 
أهل مسجد قباء  وهم راكعون فقال : أشهد بالله لقد صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل 
مكة  فداروا كما هم قبل البيت ، وكانت اليهود قد أعجبهم إذ كان يصلي قبل 
المقدس  لأنه قبلة 
أهل الكتاب ،  فلما ولى وجهه قبل البيت أنكروا ذلك ، وقال : 
البراء  في حديثه هذا : أنه مات على القبلة قبل أن تحول رجال وقتلوا فلم ندر ما نقول فيهم ، فأنزل الله تعالى ( 
وما كان الله ليضيع إيمانكم   ) . 
وكان تحويل القبلة في رجب بعد زوال الشمس قبل قتال 
بدر  بشهرين ، قال 
مجاهد  وغيره : نزلت هذه الآية ورسول الله صلى الله عليه وسلم في 
مسجد بني سلمة  وقد صلى بأصحابه ركعتين من صلاة الظهر ، فتحول في الصلاة واستقبل 
الميزاب  وحول الرجال مكان النساء ، والنساء مكان الرجال ، فسمي ذلك المسجد 
مسجد القبلتين .  وقيل : كان التحويل خارج الصلاة بين الصلاتين ، 
وأهل قباء  وصل إليهم الخبر في صلاة الصبح . 
أخبرنا 
أبو الحسن محمد بن محمد السرخسي  أخبرنا 
أبو علي زاهر بن أحمد الفقيه السرخسي  أخبرنا 
أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي السامري  أخبرنا 
أبو مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري  عن 
مالك بن أنس  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16430عبد الله بن دينار  أن 
عبد الله بن عمر  قال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=3502141بينا الناس بقباء  في صلاة الصبح إذ جاءهم آت وقال لهم : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه الليلة قرآن وقد أمر أن يستقبل الكعبة  فاستقبلوها ، وكانت وجوههم إلى الشام  فاستداروا إلى الكعبة    .  [ ص: 163 ] 
فلما تحولت القبلة قالت 
اليهود    : يا 
محمد  ما هو إلا شيء تبتدعه من تلقاء نفسك فتارة تصلي إلى 
بيت المقدس  وتارة إلى 
الكعبة  ولو ثبت على قبلتنا لكنا نرجو أن تكون صاحبنا الذي ننتظره ؟ فأنزل الله ( 
وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه   ) يعني أمر 
الكعبة    ( 
الحق من ربهم   ) ثم هددهم فقال ( وما الله بغافل عما تعملون ) قرأ 
أبو جعفر  وابن عامر  وحمزة   nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي  بالتاء قال 
ابن عباس  يريد أنكم يا معشر المؤمنين تطلبون مرضاتي وما أنا بغافل عن ثوابكم وجزائكم وقرأ الباقون بالياء يعني ما أنا بغافل عما يفعل 
اليهود  فأجازيهم في الدنيا والآخرة .