1. الرئيسية
  2. تفسير البغوي
  3. سورة هود
  4. تفسير قوله تعالى " فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود "
صفحة جزء
( فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود ( 82 ) مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد ( 83 ) وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ولا تنقصوا المكيال والميزان إني أراكم بخير وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط ( 84 ) .

قوله : ( فلما جاء أمرنا ) عذابنا ، ( جعلنا عاليها سافلها ) وذلك أن جبريل عليه السلام أدخل جناحه تحت قرى قوم لوط المؤتفكات وهي خمس مدائن ، وفيها أربعمائة ألف ، وقيل : أربعة آلاف ألف ، فرفع المدائن كلها حتى سمع أهل السماء صياح الديكة ، ونباح الكلاب ، فلم يكفأ لهم إناء ولم ينتبه نائم ، ثم قلبها فجعل عاليها سافلها . ( وأمطرنا عليها ) أي على شذاذها ومسافريها . وقيل : بعدما قلبها أمطر [ ص: 194 ] عليها ، ( حجارة من سجيل ) قال ابن عباس رضي الله عنهما وسعيد بن جبير : ( سنك وكل ) فارسي معرب .

وقال قتادة وعكرمة : السجيل الطين ، دليله قوله عز وجل : ( لنرسل عليهم حجارة من طين ) ( الذاريات - 33 ) .

قال مجاهد : أولها حجر وآخرها طين .

وقال الحسن : كان أصل الحجارة طينا فشددت .

وقال الضحاك : يعني الآجر .

وقيل : السجيل اسم السماء الدنيا .

وقيل : هو جبال في السماء ، قال الله تعالى ( وينزل من السماء من جبال فيها من برد ) ( النور - 43 ) .

قوله تعالى : ( منضود ) قال ابن عباس رضي الله عنهما : متتابع ، يتبع بعضها بعضا ، مفعول من النضد ، وهو وضع الشيء بعضه فوق بعض .

( مسومة ) من نعت الحجارة ، وهي نصب على الحال ، ومعناها معلمة : قال ابن جريج : عليها سيما لا تشاكل حجارة الأرض .

وقال قتادة وعكرمة : عليها خطوط حمر على هيئة الجزع .

وقال الحسن والسدي : كانت مختومة عليها أمثال الخواتيم .

وقيل : مكتوب على كل حجر اسم من رمي به .

( عند ربك وما هي ) يعني : تلك الحجارة ، ( من الظالمين ) أي : من مشركي مكة ، ( ببعيد ) وقال قتادة وعكرمة : يعني ظالمي هذه الأمة ، والله ما أجار الله منها ظالما بعد .

وفي بعض الآثار : " ما من ظالم إلا وهو بعرض حجر يسقط عليه من ساعة إلى ساعة " .

وروي : أن الحجر اتبع شذاذهم ومسافريهم أين كانوا في البلاد ، ودخل رجل منهم الحرم فكان الحجر معلقا في السماء أربعين يوما حتى خرج فأصابه فأهلكه .

قوله عز وجل : ( وإلى مدين ) أي : وأرسلنا إلى ولد مدين ، [ ص: 195 ] ( أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ولا تنقصوا المكيال والميزان ) أي : لا تبخسوا ، وهم كانوا يطففون مع شركهم ، ( إني أراكم بخير ) قال ابن عباس : موسرين في نعمة . وقال مجاهد : في خصب وسعة ، فحذرهم زوال النعمة ، وغلاء السعر ، وحلول النقمة ، إن لم يتوبوا . فقال : ( وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط ) يحيط بكم فيهلككم .

التالي السابق


الخدمات العلمية