[ ص: 200 ]   ( 
فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق   ( 106 ) 
خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد   ( 107 ) . 
قوله : ( 
فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق   ) قال 
ابن عباس  رضي الله عنهما : الزفير : الصوت الشديد ، والشهيق الصوت الضعيف   . وقال 
الضحاك  ومقاتل    : الزفير أول نهيق الحمار ، والشهيق آخره إذا ردده في جوفه . وقال 
أبو العالية    : الزفير في الحلق والشهيق في الصدر . 
  ( 
خالدين فيها   ) لابثين مقيمين فيها ( 
ما دامت السماوات والأرض   ) قال 
الضحاك    : ما دامت سموات الجنة والنار وأرضهما ، وكل ما علاك وأظلك فهو سماء ، وكل ما استقرت عليه قدمك فهو أرض . 
وقال 
أهل المعاني    : هذا عبارة عن التأبيد على عادة العرب ، يقولون : لا آتيك ما دامت السماوات والأرض ، ولا يكون كذا ما اختلف الليل والنهار ، يعنون : أبدا . 
قوله تعالى : ( 
إلا ما شاء ربك   ) . 
اختلفوا في هذين الاستثناءين ، فقال بعضهم : الاستثناء في أهل الشقاء يرجع إلى قوم من المؤمنين يدخلهم الله النار بذنوب اقترفوها ، ثم يخرجهم منها فيكون ذلك استثناء من غير الجنس ، لأن الذين أخرجوا من النار سعداء استثناهم [ الله من جملة الأشقياء ] وهذا كما : 
أخبرنا 
عبد الواحد بن أحمد بن عبد الله النعيمي ،  أنبأنا 
محمد بن يوسف ،  حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070محمد بن إسماعيل ،  حدثنا 
حفص بن عمر ،  حدثنا 
هشام ،  عن 
قتادة ،  عن 
أنس  رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=814865  " ليصيبن أقواما سفع من النار بذنوب أصابوها عقوبة ، ثم يدخلهم الله الجنة بفضل رحمته ، فيقال لهم : الجهنميون "   . 
وأخبرنا 
عبد الواحد بن أحمد المليحي ،  قال : أخبرنا 
أحمد بن عبد الله النعيمي ،  أخبرنا 
محمد بن يوسف  أخبرنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070محمد بن إسماعيل ،  أخبرنا 
مسدد ،  أخبرنا 
يحيى ،  عن 
الحسن بن ذكوان ،  أنبأنا 
أبو رجاء ،  حدثني 
عمران بن حصين  رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=814866  " يخرج قوم من النار بشفاعة محمد  ، فيدخلون الجنة ويسمون الجهنميين   " . 
وأما الاستثناء في أهل السعادة فيرجع إلى مدة لبثهم في النار قبل دخول الجنة .   
[ ص: 201 ] 
وقيل : إلا ما شاء ربك من الفريقين من تعميرهم في الدنيا واحتباسهم في البرزخ ما بين الموت والبعث ، قبل مصيرهم إلى الجنة أو النار . يعني : هم خالدون في الجنة أو النار إلا هذا المقدار . 
وقيل : إلا ما شاء ربك : سوى ما شاء ربك ، [ معناه خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض سوى ما شاء ربك ] . من الزيادة على قدر مدة بقاء السماوات والأرض ، وذلك هو الخلود فيها ، كما تقول : لفلان علي ألف إلا الألفين ، أي : سوى الألفين اللتين تقدمتا . 
وقيل : إلا بمعنى الواو ، أي : وقد شاء ربك خلود هؤلاء في النار وهؤلاء في الجنة ، كقوله : ( 
لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا   ) ( البقرة - 150 ) ، أي : ولا الذين ظلموا . 
وقيل : معناه ولو شاء ربك لأخرجهم منها ولكنه لا يشاء أنه حكم لهم بالخلود . 
قال 
الفراء    : هذا الاستثناء استثناه الله ولا يفعله ، كقولك : والله لأضربنك إلا أن أرى غير ذلك ، وعزيمتك أن تضربه . 
( 
إن ربك فعال لما يريد   ) .