[ ص: 267 ]   ( 
واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها وإنا لصادقون   ( 82 ) 
قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل عسى الله أن يأتيني بهم جميعا إنه هو العليم الحكيم   ( 83 ) 
وتولى عنهم وقال يا أسفى على يوسف وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم   ( 84 ) . 
( 
واسأل القرية التي كنا فيها   ) أي : أهل القرية وهي 
مصر .  قال 
ابن عباس    : هي قرية من قرى 
مصر  كانوا ارتحلوا منها إلى 
مصر    . ( 
والعير التي أقبلنا فيها   ) أي : القافلة التي كنا فيها . وكان صحبهم قوم من 
كنعان  من جيران 
يعقوب    . قال 
ابن إسحاق    : عرف الأخ المحتبس 
بمصر  أن إخوته أهل تهمة عند أبيهم لما كانوا صنعوا في أمر 
يوسف  فأمرهم أن يقولوا هذا لأبيهم . 
( 
وإنا لصادقون   ) فإن قيل : كيف استجاز 
يوسف  أن يعمل مثل هذا بأبيه ولم يخبره بمكانه ، وحبس أخاه مع علمه بشدة وجد أبيه عليه ، وفيه معنى العقوق ، وقطيعة الرحم ، وقلة الشفقة ؟ . قيل : قد أكثر الناس فيه ، والصحيح أنه عمل ذلك بأمر الله سبحانه وتعالى ، أمره بذلك ، ليزيد في بلاء 
يعقوب  فيضاعف له الأجر ، ويلحقه في الدرجة بآبائه الماضين . وقيل : إنه لم يظهر نفسه لإخوته; لأنه لم يأمن أن يدبروا في أمره تدبيرا فيكتموه عن أبيه . والأول أصح . 
( قال : بل سولت لكم ) زينت ( أنفسكم أمرا ) وفيه اختصار معناه : فرجعوا إلى أبيهم وذكروا لأبيهم ما قال كبيرهم ، فقال 
يعقوب    : ( بل سولت لكم أنفسكم أمرا ) ، أي : حمل أخيكم إلى 
مصر  لطلب نفع عاجل . ( 
فصبر جميل عسى الله أن يأتيني بهم جميعا   ) يعني : 
يوسف  وبنيامين  وأخاهم المقيم 
بمصر    . ( إنه هو العليم ) بحزني ووجدي على فقدهم ( الحكيم ) في تدبير خلقه . 
قوله تعالى : ( 
وتولى عنهم   ) وذلك أن 
يعقوب  عليه السلام لما بلغه خبر 
بنيامين  تتام حزنه ، وبلغ جهده ، وتهيج حزنه على 
يوسف  فأعرض عنهم ( 
يا أسفى   ) يا حزناه ( على يوسف ) والأسف أشد الحزن ( 
وابيضت عيناه من الحزن   ) عمي بصره . قال 
مقاتل :  لم يبصر بهما ست سنين ( 
فهو كظيم   ) أي : مكظوم مملوء من الحزن ممسك عليه لا يبثه . وقال 
قتادة :  يردد حزنه في جوفه ولم يقل إلا خيرا . قال 
الحسن :  كان بين خروج 
يوسف  من حجر أبيه إلى يوم التقى معه ثمانون عاما ، لا تجف عينا 
يعقوب  وما على وجه الأرض يومئذ أكرم على الله من 
يعقوب    .