( 
وحفظناها من كل شيطان رجيم   ( 17 ) 
إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين   ( 18 ) . 
( 
وحفظناها من كل شيطان رجيم   ) مرجوم . وقيل : ملعون . 
قال 
ابن عباس    : كانت الشياطين لا يحجبون عن السماوات وكانوا يدخلونها ، ويأتون بأخبارها فيلقون على الكهنة ، فلما ولد
عيسى  عليه السلام منعوا من ثلاث سموات ، فلما ولد 
محمد  صلى الله عليه وسلم منعوا من السماوات أجمع ، فما منهم من أحد يريد استراق السمع إلا رمي بشهاب ، فلما منعوا من تلك المقاعد ذكروا ذلك لإبليس ، فقال لقد حدث في الأرض حدث ، قال : فبعثهم فوجدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلو القرآن ، فقالوا : هذا والله ما حدث . 
( 
إلا من استرق السمع   ) لكن من استرق السمع ( 
فأتبعه شهاب مبين   ) والشهاب : الشعلة من النار . 
وذلك أن الشياطين يركب بعضهم بعضا إلى السماء الدنيا ، ويسترقون السمع من الملائكة ، فيرمون بالكواكب فلا تخطئ أبدا ، فمنهم من تقتله ، ومنهم من تحرق وجهه أو جنبه أو يده أو حيث يشاء الله ، ومنهم من تخبله فيصير غولا يضل الناس في البوادي . 
أخبرنا 
عبد الواحد المليحي  ، أخبرنا 
أحمد بن عبد الله النعيمي  ، أخبرنا 
محمد بن يوسف  ، حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070محمد بن إسماعيل  ، حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي  ، حدثنا 
سفيان  ، حدثنا 
عمرو  ، قال : سمعت 
عكرمة  يقول : سمعت 
 nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة  يقول : إن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=814927إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها   [ ص: 373 ] خضعانا لقوله ، كأنه سلسلة على صفوان ، فإذا فزع عن قلوبهم قالوا : ماذا قال ربكم ؟ قالوا للذي قال : الحق ، وهو العلي الكبير ، فيسمعها مسترقو السمع ، ومسترقو السمع هكذا بعضهم فوق بعض - ووصف سفيان بكفه فحرفها وبدد بين أصابعه - فيسمع أحدهم الكلمة فيلقيها إلى من تحته ، ثم يلقيها الآخر إلى من تحته ، حتى يلقيها على لسان الساحر ، أو الكاهن ، فربما أدركه الشهاب قبل أن يلقيها ، وربما ألقاها قبل أن يدركه ، فيكذب معها مائة كذبة فيقال : أليس قد قال لنا يوم كذا وكذا يكون كذا وكذا ، فيصدق بتلك الكلمة التي سمعت من السماء   " . 
أخبرنا 
عبد الواحد المليحي  ، أخبرنا 
أحمد بن عبد الله النعيمي  ، أخبرنا 
محمد بن يوسف  ، حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070محمد بن إسماعيل  ، حدثنا 
محمد بن أبي مريم  ، حدثنا 
الليث  ، حدثنا 
ابن جعفر  ، عن 
محمد بن عبد الرحمن  ، عن 
عروة بن الزبير  ، عن 
عائشة  رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=814928إن الملائكة تنزل في العنان ، وهو السحاب ، فتذكر الأمر الذي قضي في السماء فتسترق الشياطين السمع فتسمعه فتوحيه إلى الكهان ، فيكذبون معها مائة كذبة من عند أنفسهم   " . 
واعلم أن هذا لم يكن ظاهرا قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكره شاعر من العرب قبل زمان النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما ظهر في بدء أمره وكان ذلك أساسا لنبوته عليه السلام . 
وقال 
يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس بن شريق    : إن أول من فزع للرمي بالنجوم هذا الحي من 
ثقيف  وإنهم جاءوا إلى رجل منهم يقال له 
عمرو بن أمية أحد بني علاج  ، وكان أهدى العرب ، فقالوا له : ألم تر ما حدث في السماء من القذف بالنجوم ؟ قال : بلى ، فانظروا فإن كانت معالم النجوم التي يهتدى بها في البر والبحر وتعرف بها الأنواء من الصيف والشتاء لما يصلح الناس من معايشهم هي التي يرمى بها فهي - والله - طي الدنيا وهلاك الخلق الذي فيها ، وإن كانت   
[ ص: 374 ] نجوما غيرها ، وهي والله ثابتة على حالها فهذا الأمر أراده الله تعالى بهذا الخلق . 
قال 
معمر  قلت 
للزهري    : أكان يرمى بالنجوم في الجاهلية ؟ قال : نعم ، قلت : أفرأيت قوله تعالى : ( 
وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع   ) [ الآية - 6 ] الجن ؟ قال : غلظت وشدد أمرها حين بعث النبي صلى الله عليه وسلم . 
وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة    : إن الرجم كان قبل مبعثه - صلى الله عليه وسلم - ولكن لم يكن [ مثله ] في شدة الحراسة بعد مبعثه . 
وقيل : إن النجم ينقض فيرمي الشياطين ، ثم يعود إلى مكانه ، والله أعلم .