صفحة جزء
522 حدثنا محمد بن مقاتل قال أخبرنا عبد الله قال أخبرنا عوف عن سيار بن سلامة قال دخلت أنا وأبي على أبي برزة الأسلمي فقال له أبي كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي المكتوبة فقال كان يصلي الهجير التي تدعونها الأولى حين تدحض الشمس ويصلي العصر ثم يرجع أحدنا إلى رحله في أقصى المدينة والشمس حية ونسيت ما قال في المغرب وكان يستحب أن يؤخر العشاء التي تدعونها العتمة وكان يكره النوم قبلها والحديث بعدها وكان ينفتل من صلاة الغداة حين يعرف الرجل جليسه ويقرأ بالستين إلى المائة
[ ص: 33 ] " 890 " قوله : ( أخبرنا عبد الله ) هو ابن المبارك وعوف هو الأعرابي .

قوله : ( دخلت أنا وأبي ) زاد الإسماعيلي " زمن أخرج ابن زياد من البصرة " قلت : وكان ذلك في سنة أربع وستين كما سيأتي في كتاب الفتن ، وسلامة والد سيار حكى عنه ولده هنا ولم أجد من ترجمه ، وقد وقعت لابنه عنه رواية في الطبراني الكبير في ذكر الحوض .

قوله : ( المكتوبة ) أي المفروضة ، واستدل به على أن الوتر ليس من المكتوبة لكون أبي برزة لم يذكره وفيه بحث .

قوله : ( كان يصلي الهجير ) ) أي صلاة الهجير ، والهجير والهاجرة بمعنى ، وهو وقت شدة الحر ، وسميت الظهر بذلك لأن وقتها يدخل حينئذ .

قوله : ( تدعونها الأولى ) قيل سميت الأولى لأنها أول صلاة النهار وقيل لأنها أول صلاة صلاها جبريل بالنبي - صلى الله عليه وسلم - حين بين له الصلوات الخمس .

قوله : ( حين تدحض الشمس ) أي تزول عن وسط السماء مأخوذ من الدحض وهو الزلق ، وفي رواية لمسلم " حين تزول الشمس " ومقتضى ذلك أنه كان يصلي الظهر في أول وقتها ، ولا يخالف ذلك الأمر بالإبراد لاحتمال أن يكون ذلك في زمن البرد أو قبل الأمر بالإبراد أو عند فقد شروط الإبراد لأنه يختص [ ص: 34 ] بشدة الحر ، أو لبيان الجواز . وقد يتمسك بظاهره من قال إن فضيلة أول الوقت لا تحصل إلا بتقديم ما يمكن تقديمه من طهارة وستر وغيرهما قبل دخول الوقت ، ولكن الذي يظهر أن المراد بالحديث التقريب . فتحصل الفضيلة لمن لم يتشاغل عند دخول الوقت بغير أسباب الصلاة .

قوله : ( إلى رحله ) بفتح الراء وسكون المهملة ، أي مسكنه .

قوله : ( في أقصى المدينة ) ) صفة للرحل .

قوله : ( والشمس حية ) ) أي بيضاء نقية . قال الزين بن المنير : المراد بحياتها قوة أثرها حرارة ولونا وشعاعا وإنارة ، وذلك لا يكون بعد مصير الظل مثلي الشيء ا هـ . وفي سنن أبي داود بإسناد صحيح عن خيثمة أحد التابعين قال : حياتها أن تجد حرها .

قوله : ( ونسيت ما قال في المغرب ) قائل ذلك هو سيار ، بينه أحمد في روايته عن حجاج عن شعبة عنه .

قوله : ( أن يؤخر من العشاء ) أي من وقت العشاء ، قال ابن دقيق العيد : فيه دليل على استحباب التأخير قليلا لأن التبعيض يدل عليه ، وتعقب بأنه بعض مطلق لا دلالة فيه على قلة ولا كثرة ، وسيأتي في " باب وقت العشاء " من حديث جابر أن التأخير إنما كان لانتظار من يجيء لشهود الجماعة .

قوله : ( التي تدعونها العتمة ) فيه إشارة إلى ترك تسميتها بذلك ، وسيأتي الكلام عليه في باب مفرد . وقال الطيبي : لعل تقييده الظهر والعشاء دون غيرهما للاهتمام بأمرهما ، فتسمية الظهر بالأولى يشعر بتقديمها ، وتسمية العشاء بالعتمة يشعر بتأخيرها ، وسيأتي الكلام على كراهة النوم قبلها في باب مفرد .

قوله : ( وكان ينفتل ) أي ينصرف من الصلاة ، أو يلتفت إلى المأمومين .

قوله : ( من صلاة الغداة ) أي الصبح ، وفيه أنه لا كراهة في تسمية الصبح بذلك .

قوله : ( حين يعرف الرجل جليسه ) تقدم الكلام على اختلاف ألفاظ الرواية فيه ، واستدل بذلك على التعجيل بصلاة الصبح لأن ابتداء معرفة الإنسان وجه جليسه يكون في أواخر الغلس ، وقد صح بأن ذلك كان عند فراغ الصلاة . ومن المعلوم من عادته - صلى الله عليه وسلم - ترتيل القراءة وتعديل الأركان ، فمقتضى ذلك أنه كان يدخل فيها مغلسا ، وادعىالزين بن المنير أنه مخالف لحديث عائشة الآتي حيث قالت فيه : " لا يعرفن من الغلس " ، وتعقب بأن الفرق بينهما ظاهر ، وهو أن حديث أبي برزة متعلق بمعرفة من هو مسفر جالس إلى جنب المصلي فهو ممكن ، وحديث عائشة متعلق بمن هو متلفف مع أنه على بعد فهو بعيد .

قوله : ( ويقرأ ) أي في الصبح بالستين إلى المائة ) يعني من الآي . وقدرها في رواية الطبراني بسورة الحاقة ونحوها ، وتقدم في " باب وقت الظهر " بلفظ " ما بين الستين إلى المائة " وأشار الكرماني أن القياس أن يقول ما بين الستين والمائة لأن لفظ " بين " يقتضي الدخول على متعدد . قال : ويحتمل أن يكون التقدير : ويقرأ ما بين الستين وفوقها إلى المائة ، فحذف لفظ فوقها لدلالة الكلام عليه . وفي السياق تأدب الصغير مع الكبير ، ومسارعة المسئول بالجواب إذا كان عارفا به .

التالي السابق


الخدمات العلمية