صفحة جزء
باب قول المريض إني وجع أو وا رأساه أو اشتد بي الوجع وقول أيوب عليه السلام أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين

5341 حدثنا قبيصة حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح وأيوب عن مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة رضي الله عنه مر بي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أوقد تحت القدر فقال أيؤذيك هوام رأسك قلت نعم فدعا الحلاق فحلقه ثم أمرني بالفداء
" 8470 قوله : ( باب ما رخص للمريض أن يقول إني وجع أو وارأساه أو اشتد بي الوجع ، وقول أيوب عليه السلام : مسني الضر وأنت أرحم الراحمين أما قوله " إني وجع " فترجم به في كتاب الأدب المفرد وأورده فيه من طريق [ ص: 129 ] هشام بن عروة عن أبيه قال " دخلت أنا وعبد الله بن الزبير على أسماء - يعني بنت أبي بكر وهي أمهما - وأسماء وجعة ، فقال لها عبد الله : كيف تجدينك ؟ قالت : وجعت " الحديث . وأصرح منه ما روى صالح بن كيسان عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه قال " دخلت على أبي بكر - رضي الله عنه - في مرضه الذي توفي فيه ، فسلمت عليه وسألته : كيف أصبحت ؟ فاستوى جالسا ، فقلت : أصبحت بحمد الله بارئا ؟ قال : أما إني على ما ترى وجع " فذكر القصة ، أخرجه الطبراني . وأما قوله " وارأساه " فصريح في حديث عائشة المذكور في الباب ، وأما قوله " اشتد بي الوجع " فهو في حديث سعد الذي في آخر الباب ، وأما قول أيوب عليه السلام فاعترض ابن التين ذكره في الترجمة فقال : هذا لا يناسب التبويب ، لأن أيوب إنما قاله داعيا ولم يذكره للمخلوقين . قلت : لعل البخاري أشار إلى أن مطلق الشكوى لا يمنع ردا على من زعم من الصوفية أن الدعاء بكشف البلاء يقدح في الرضا والتسليم ، فنبه على أن الطلب من الله ليس ممنوعا ، بل فيه زيادة عبادة ، لما ثبت مثل ذلك عن المعصوم وأثنى الله عليه بذلك وأثبت له اسم الصبر مع ذلك ، وقد روينا في قصة أيوب في فوائد ميمونة وصححه ابن حبان والحاكم من طريق الزهري عن أنس رفعه أن أيوب لما طال بلاؤه رفضه القريب والبعيد ، غير رجلين من إخوانه ، فقال أحدهما لصاحبه : لقد أذنب أيوب ذنبا ما أذنبه أحد من العالمين ، فبلغ ذلك أيوب - يعني فجزع من قوله - ودعا ربه فكشف ما به . وعند ابن أبي حاتم من طريق عبد الله بن عبيد بن نمير موقوفا عليه نحوه وقال فيه فجزع من قولهما جزعا شديدا ثم قال : بعزتك لا أرفع رأسي حتى تكشف عني ، وسجد ، فما رفع رأسه حتى كشف عنه . فكأن مراد البخاري أن الذي يجوز من شكوى المريض ما كان على طريق الطلب من الله ، أو على غير طريق التسخط للقدر والتضجر ، والله أعلم . قال القرطبي : اختلف الناس في هذا الباب ، والتحقيق أن الألم لا يقدر أحد على رفعه ، والنفوس مجبولة على وجدان ذلك فلا يستطاع تغييرها عما جبلت عليه ، وإنما كلف العبد أن لا يقع منه في حال المصيبة ما له سبيل إلى تركه كالمبالغة في التأوه والجزع الزائد كأن من فعل ذلك خرج عن معاني أهل الصبر ، وأما مجرد التشكي فليس مذموما حتى يحصل التسخط للمقدور ، وقد اتفقوا على كراهة شكوى العبد ربه ، وشكواه إنما هو ذكره للناس على سبيل التضجر ، والله أعلم . روى أحمد في " الزهد " عن طاوس أنه قال : أنين المريض شكوى ، وجزم أبو الطيب وابن الصباغ وجماعة من الشافعية أن أنين المريض وتأوهه مكروه ، وتعقبه النووي فقال : هذا ضعيف أو باطل ، فإن المكروه ما ثبت فيه نهي مقصود ، وهذا لم يثبت فيه ذلك . ثم احتج بحديث عائشة في الباب ، ثم قال : فلعلهم أرادوا بالكراهة خلاف الأولى ، فإنه لا شك أن اشتغاله بالذكر أولى ا هـ . ولعلهم أخذوه بالمعنى من كون كثرة الشكوى تدل على ضعف اليقين ، وتشعر بالتسخط للقضاء ، وتورث شماتة الأعداء . وأما إخبار المريض صديقه أو طبيبه عن حاله فلا بأس به اتفاقا ثم ذكر في الباب أربعة أحاديث :

" 8471 الأول حديث كعب بن عجرة في حلق المحرم رأسه إذا آذاه القمل ، وقد تقدم شرحه مستوفى في كتاب الحج ، وقوله : أيؤذيك هوام رأسك هو موضع الترجمة لنسبة الأذى للهوام ، وهي بتشديد الميم اسم للحشرات لأنها تهم أن تدب ، وإذا أضيفت إلى الرأس اختصت بالقمل . الثاني حديث عائشة

التالي السابق


الخدمات العلمية