صفحة جزء
5348 حدثنا آدم حدثنا شعبة عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال دخلنا على خباب نعوده وقد اكتوى سبع كيات فقال إن أصحابنا الذين سلفوا مضوا ولم تنقصهم الدنيا وإنا أصبنا ما لا نجد له موضعا إلا التراب ولولا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهانا أن ندعو بالموت لدعوت به ثم أتيناه مرة أخرى وهو يبني حائطا له فقال إن المسلم ليؤجر في كل شيء ينفقه إلا في شيء يجعله في هذا التراب
الحديث الثاني حديث خباب

قوله : ( عن إسماعيل بن أبي خالد ) لشعبة فيه إسناد آخر أخرجه الترمذي من رواية غندر عنه عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب قال " دخلت على خباب " فذكر الحديث نحوه .

قوله : ( وقد اكتوى سبع كيات ) في رواية حارثة " وقد اكتوى في بطنه فقال : ما أعلم أحدا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - لقي من البلاء ما لقيت " أي من الوجع الذي أصابه ، وحكى شيخنا في " شرح الترمذي " احتمال أن يكون أراد بالبلاء ما فتح عليه من المال بعد أن كان لا يجد درهما ، كما وقع صريحا في رواية حارثة المذكورة عنه قال " لقد كنت وما أجد درهما على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وفي ناحية بيتي أربعون ألفا " يعني الآن ، وتعقبه بأن غيره من الصحابة كان أكثر مالا منه كعبد الرحمن بن عوف ، واحتمال أن يكون أراد ما لقي من التعذيب في أول الإسلام من المشركين ، وكأنه رأى أن اتساع الدنيا عليه يكون ثواب ذلك التعذيب ، وكان يحب أن لو بقي له أجره موفرا في الآخرة ، قال : ويحتمل أن يكون أراد ما فعل من الكي مع ورود النهي عنه ، كما قال عمران بن حصين " نهينا عن الكي فاكتوينا فما أفلحنا " أخرجه >[1] قال : وهذا بعيد . قلت : وكذلك الذي قبله ، وسيأتي الكلام على حكم الكي قريبا في كتاب الطب إن شاء الله - تعالى - .

قوله : ( إن أصحابنا الذين سلفوا مضوا ولم تنقصهم الدنيا ) زاد في الرقاق من طريق يحيى القطان عن إسماعيل بن أبي خالد " شيئا " أي لم تنقص أجورهم ، بمعنى أنهم لم يتعجلوها في الدنيا بل بقيت موفرة لهم في الآخرة ، وكأنه عنى بأصحابه بعض الصحابة ممن مات في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - فأما من عاش بعده فإنهم اتسعت لهم الفتوح . ويؤيده حديثه الآخر " هاجرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوقع أجرنا على الله ، فمنا من مضى لم يأكل من أجره شيئا منهم مصعب بن عمير " وقد مضى في الجنائز وفي المغازي أيضا ، ويحتمل أن يكون عنى جميع من مات قبله ، وأن من اتسعت له الدنيا لم تؤثر فيه إما لكثرة إخراجهم المال في وجوه البر ، وكان من يحتاج إليه إذ ذاك كثيرا فكانت تقع لهم الموقع ، ثم لما اتسع الحال جدا وشمل العدل في زمن الخلفاء الراشدين استغنى الناس بحيث صار الغني لا يجد محتاجا يضع بره فيه ، ولهذا قال خباب : " وإنا أصبنا ما لا نجد له موضعا إلا التراب " أي الإنفاق في البنيان . وأغرب الداودي فقال : أراد خباب بهذا القول الموت أي لا يجد للمال الذي أصابه إلا وضعه في القبر ، حكاه ابن التين ورده فأصاب ، وقال : بل هو عبارة عما أصابوا من المال قلت : وقد وقع لأحمد عن يزيد بن هارون عن إسماعيل بن أبي خالد في هذا الحديث بعد قوله إلا التراب " وكان يبني حائطا له " ويأتي في الرقاق نحوه باختصار ، وأخرجه أحمد أيضا عن وكيع عن إسماعيل وأوله " دخلنا على خباب نعوده وهو يبني حائطا له وقد اكتوى سبعا " الحديث .

قوله : ( ولولا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهانا أن ندعو بالموت لدعوت به ) الدعاء بالموت أخص من تمني الموت ، وكل دعاء تمن من غير عكس ، فلذلك أدخله في هذه الترجمة .

[ ص: 135 ] قوله : ( ثم أتيناه مرة أخرى وهو يبني حائطا له ) هكذا وقع في رواية شعبة تكرار المجيء ، وهو أحفظ الجميع فزيادته مقبولة ، والذي يظهر أن قصة بناء الحائط كانت سبب قوله أيضا " وإنا أصبنا من الدنيا ما لا نجد له موضعا إلا التراب " .

قوله : ( إن المسلم ليؤجر في كل شيء ينفقه إلا في شيء يجعله في هذا التراب ) أي الذي يوضع في البنيان ، وهو محمول على ما زاد على الحاجة ، وسيأتي تقرير ذلك في آخر كتاب الاستئذان إن شاء الله - تعالى - .

( تنبيه )

هكذا وقع من هذا الوجه موقوفا ، وقد أخرجه الطبراني من طريق عمر بن إسماعيل بن مجالد " حدثنا أبي عن بيان بن بشر وإسماعيل بن أبي خالد جميعا عن قيس عن أبي حازم قال : دخلنا على خباب نعوده " فذكر الحديث ، وفيه " وهو يعالج حائطا له فقال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : إن المسلم يؤجر في نفقته كلها إلا ما يجعله في التراب وعمر كذبه يحيى بن معين . الحديث الثالث والرابع حديث أبي هريرة

التالي السابق


الخدمات العلمية