صفحة جزء
باب ما يذكر في الطاعون

5396 حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة قال أخبرني حبيب بن أبي ثابت قال سمعت إبراهيم بن سعد قال سمعت أسامة بن زيد يحدث سعدا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها فقلت أنت سمعته يحدث سعدا ولا ينكره قال نعم
قوله : ( باب ما يذكر في الطاعون ) أي مما يصح على شرطه . والطاعون بوزن فاعول من الطعن ، عدلوا به عن أصله ووضعوه دالا على الموت العام كالوباء ، ويقال طعن فهو مطعون وطعين إذا أصابه الطاعون ، وإذا أصابه الطعن بالرمح فهو مطعون ، هذا كلام الجوهري ، وقال الخليل : الطاعون الوباء . وقال صاحب " النهاية " : الطاعون المرض العام الذي يفسد له الهواء ، وتفسد به الأمزجة والأبدان . وقال أبو بكر بن العربي : الطاعون الوجه الغالب الذي يطفئ الروح كالذبحة ، سمي بذلك لعموم مصابه وسرعة قتله . وقال أبو الوليد الباجي : هو مرض يعم الكثير من الناس في جهة من الجهات ، بخلاف المعتاد من أمراض الناس ، ويكون مرضهم واحدا بخلاف بقية الأوقات فتكون الأمراض مختلفة . وقال الداودي : الطاعون حبة تخرج من الأرقاع وفي كل طي من الجسد والصحيح أنه الوباء . وقال عياض : أصل الطاعون القروح الخارجة في الجسد ، والوباء عموم الأمراض ، فسميت طاعونا لشبهها بها في الهلاك ، وإلا فكل طاعون وباء وليس كل وباء طاعونا . قال : ويدل على ذلك أن وباء الشام الذي وقع في عمواس إنما كان طاعونا ، وما ورد في الحديث أن الطاعون وخز الجن . وقال ابن عبد البر : الطاعون غدة تخرج في المراق والآباط ، وقد تخرج في الأيدي والأصابع وحيث شاء الله . وقال النووي في " الروضة " : قيل : الطاعون انصباب الدم إلى عضو . وقال آخرون : هو هيجان الدم وانتفاخه . قال المتولي : وهو قريب من الجذام ، من أصابه تأكلت أعضاؤه وتساقط لحمه . وقال الغزالي : هو انتفاخ جميع البدن من الدم مع الحمى أو انصباب الدم إلى بعض الأطراف ، ينتفخ ويحمر ; وقد يذهب ذلك العضو . وقال النووي أيضا في تهذيبه : هو بثر وورم مؤلم جدا ، يخرج مع لهب ، ويسود ما حواليه أو يخضر أو يحمر حمرة شديدة بنفسجية كدرة ، ويحصل معه خفقان وقيء ، ويخرج غالبا في المراق والآباط ، وقد يخرج في الأيدي والأصابع وسائر الجسد . وقال جماعة من الأطباء منهم أبو علي بن سينا : الطاعون مادة سمية تحدث ورما قتالا يحدث في المواضع الرخوة والمغابن من البدن ; وأغلب ما تكون تحت الإبط أو خلف الأذن أو عند الأرنبة . قال : وسببه دم رديء مائل إلى العفونة والفساد يستحيل إلى جوهر سمي يفسد العضو ويغير ما يليه ويؤدي إلى القلب كيفية رديئة [ ص: 191 ] فيحدث القيء والغثيان والغشي والخفقان ، وهو لرداءته لا يقبل من الأعضاء إلا ما كان أضعف بالطبع ، وأردؤه ما يقع في الأعضاء الرئيسية ، والأسود منه قل من يسلم منه ، وأسلمه الأحمر ثم الأصفر . والطواعين تكثر عند الوباء في البلاد الوبئة ، ومن ثم أطلق على الطاعون وباء وبالعكس ، وأما الوباء فهو فساد جوهر الهواء الذي هو مادة الروح ومدده .

قلت : فهذا ما بلغنا من كلام أهل اللغة وأهل الفقه والأطباء في تعريفه . والحاصل أن حقيقته ورم ينشأ عن هيجان الدم أو انصباب الدم إلى عضو فيفسده ، وأن غير ذلك من الأمراض العامة الناشئة عن فساد الهواء يسمى طاعونا بطريق المجاز لاشتراكهما في عموم المرض به أو كثرة الموت ، والدليل على أن الطاعون يغاير الوباء ما سيأتي في رابع أحاديث الباب أن الطاعون لا يدخل المدينة وقد سبق في حديث عائشة " قدمنا المدينة وهي أوبأ أرض الله - وفيه قول بلال - أخرجونا إلى أرض الوباء " وما سبق في الجنائز من حديث أبي الأسود " قدمت المدينة في خلافة عمر وهم يموتون موتا ذريعا " وما سبق في حديث العرنيين في الطهارة أنهم استوخموا المدينة ، وفي لفظ أنهم قالوا إنها أرض وبئة ، فكل ذلك يدل على أن الوباء كان موجودا بالمدينة . وقد صرح الحديث الأول بأن الطاعون لا يدخلها فدل على أن الوباء غير الطاعون . وأن من أطلق على كل وباء طاعونا فبطريق المجاز . قال أهل اللغة : الوباء هو المرض العام ، يقال أوبأت الأرض فهي موبئة ، ووبئت بالفتح فهي وبئة ، وبالضم فهي موبوءة . والذي يفترق به الطاعون من الوباء أصل الطاعون الذي لم يتعرض له الأطباء ولا أكثر من تكلم في تعريف الطاعون وهو كونه من طعن الجن ، ولا يخالف ذلك ما قال الأطباء من كون الطاعون ينشأ عن هيجان الدم أو انصبابه لأنه يجوز أن يكون ذلك يحدث عن الطعنة الباطنة فتحدث منها المادة السمية ويهيج الدم بسببها أو ينصب وإنما لم يتعرض الأطباء لكونه من طعن الجن لأنه أمر لا يدرك بالعقل ، وإنما يعرف من الشارع فتكلموا في ذلك على ما اقتضته قواعدهم . وقال الكلاباذي في " معاني الأخبار " : يحتمل أن يكون الطاعون على قسمين : قسم يحصل من غلبة بعض الأخلاط من دم أو صفراء محترقة أو غير ذلك من غير سبب يكون من الجن ، وقسم يكون من وخز الجن كما تقع الجراحات من القروح التي تخرج في البدن من غلبة بعض الأخلاط وإن لم يكن هناك طعن ، وتقع الجراحات أيضا من طعن الإنس . انتهى . ومما يؤيد أن الطاعون إنما يكون من طعن الجن وقوعه غالبا في أعدل الفصول وفي أصح البلاد هواء وأطيبها ماء ، ولأنه لو كان بسبب فساد الهواء لدام في الأرض لأن الهواء يفسد تارة ويصح أخرى ، وهذا يذهب أحيانا ويجيء أحيانا على غير قياس ولا تجربة ، فربما جاء سنة على سنة ، وربما أبطأ سنين ، وبأنه لو كان كذلك لعم الناس والحيوان ، والموجود بالمشاهدة أنه يصيب الكثير ولا يصيب من هم بجانبهم مما هم في مثل مزاجهم ، ولو كان كذلك لعم جميع البدن ، وهذا يختص بموضع من الجسد ولا يتجاوزه ، ولأن فساد الهواء يقتضي تغير الأخلاط وكثرة الأسقام ، وهذا في الغالب يقتل بلا مرض ، فدل على أنه من طعن الجن كما ثبت في الأحاديث الواردة في ذلك : منها حديث أبي موسى رفعه فناء أمتي بالطعن والطاعون . قيل : يا رسول الله هذا الطعن قد عرفناه ، فما الطاعون ؟ قال : وخز أعدائكم من الجن ، وفي كل شهادة أخرجه أحمد من رواية زياد بن علاقة عن رجل عن أبي موسى ، وفي رواية له عن زياد " حدثني رجل من قومي قال : كنا على باب عثمان ننتظر الإذن ، فسمعت أبا موسى ، قال زياد : فلم أرض بقوله فسألت سيد الحي فقال : صدق " وأخرجه البزار والطبراني من وجهين آخرين عن زياد فسميا المبهم يزيد بن الحارث ، وسماه أحمد في رواية أخرى أسامة بن شريك ، فأخرجه من طريق أبي بكر النهشلي عن زياد بن علاقة [ ص: 192 ] عن أسامة بن شريك قال : " خرجنا في بضع عشرة نفسا من بني ثعلبة ، فإذا نحن بأبي موسى " ولا معارضة بينه وبين من سماه يزيد بن الحارث لأنه يحمل على أن أسامة هو سيد الحي الذي أشار إليه في الرواية الأخرى واستثبته فيما حدثه به الأول وهو يزيد بن الحارث ، ورجاله رجال الصحيحين إلا المبهم ، وأسامة بن شريك صحابي مشهور ، والذي سماه وهو أبو بكر النهشلي من رجال مسلم ، فالحديث صحيح بهذا الاعتبار ، وقد صححه ابن خزيمة والحاكم وأخرجاه وأحمد والطبراني من وجه آخر عن أبي بكر بن أبي موسى الأشعري قال : " سألت عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : هو وخز أعدائكم من الجن ، وهو لكم شهادة ورجاله رجال الصحيح ، إلا أبا بلج بفتح الموحدة وسكون اللام بعدها جيم واسمه يحيى وثقه ابن معين والنسائي وجماعة ، وضعفه جماعة بسبب التشيع وذلك لا يقدح في قبول روايته عند الجمهور . وللحديث طريق ثالثة أخرجها الطبراني من رواية عبد الله بن المختار عن كريب بن الحارث بن أبي موسى عن أبيه عن جده ، ورجاله رجال الصحيح إلا كريبا وأباه وكريب وثقه ابن حبان ، وله حديث آخر في الطاعون أخرجه أحمد وصححه الحاكم من رواية عاصم الأحول عن كريب بن الحارث عن أبي بردة بن قيس أخي أبي موسى الأشعري رفعه اللهم اجعل فناء أمتي قتلا في سبيلك بالطعن والطاعون قال العلماء : أراد - صلى الله عليه وسلم - أن يحصل لأمته أرفع أنواع الشهادة وهو القتل في سبيل الله بأيدي أعدائهم إما من الإنس وإما من الجن . ولحديث أبي موسى شاهد من حديث عائشة أخرجه أبو يعلى من رواية ليث بن أبي سليم عن رجاله عن عطاء عنها ، وهذا سند ضعيف ، وآخر من حديث ابن عمر سنده أضعف منه ، والعمدة في هذا الباب على حديث أبي موسى فإنه يحكم له بالصحة لتعدد طرقه إليه . وقوله : " وخز " بفتح أوله وسكون المعجمة بعدها زاي قال أهل اللغة : هو الطعن إذا كان غير نافذ ، ووصف طعن الجن بأنه وخز لأنه يقع من الباطن إلى الظاهر فيؤثر بالباطن أولا ثم يؤثر في الظاهر وقد لا ينفذ ، وهذا بخلاف طعن الإنس فإنه يقع من الظاهر إلى الباطن فيؤثر في الظاهر أولا ثم يؤثر في الباطن ، وقد لا ينفذ .

( تنبيه ) :

يقع في الألسنة وهو في " النهاية " لابن الأثير تبعا لغريبي الهروي بلفظ وخز إخوانكم ولم أره بلفظ " إخوانكم " بعد التتبع الطويل البالغ في شيء من طرق الحديث المسند لا في الكتب المشهورة ولا الأجزاء المنثورة ، وقد عزاه بعضهم لمسند أحمد أو الطبراني أو كتاب الطواعين لابن أبي الدنيا ولا وجود لذلك في واحد منها والله أعلم . ثم ذكر المصنف في الباب خمسة أحاديث : الأول حديث أسامة بن زيد .

قوله : ( حبيب بن أبي ثابت سمعت إبراهيم بن سعد ) أي ابن أبي وقاص ، وقع في سياق أحمد فيه قصة عن حبيب قال : " كنت بالمدينة ، فبلغني أن الطاعون بالكوفة ، فلقيت إبراهيم بن سعد فسألته " وأخرجه مسلم أيضا من هذا الوجه وزاد " فقال لي عطاء بن يسار وغيره " فذكر الحديث المرفوع " فقلت : عمن ؟ قالوا عن عامر بن سعد فأتيته فقالوا غائب ، فلقيت أخاه إبراهيم بن سعد فسألته " .

قوله : ( سمعت أسامة بن زيد يحدث سعدا ) أي والد إبراهيم المذكور . ووقع في رواية الأعمش عن حبيب عن إبراهيم بن سعد عن أسامة بن زيد وسعد أخرجه مسلم ، ومثله في رواية الثوري عن حبيب وزاد " وخزيمة بن ثابت " أخرجه أحمد ومسلم أيضا ، وهذا الاختلاف لا يضر لاحتمال أن يكون سعد تذكر لما حدثه به أسامة أو نسبت الرواية إلى سعد لتصديقه أسامة . وأما خزيمة فيحتمل أن يكون إبراهيم بن سعد سمعه منه بعد [ ص: 193 ] ذلك فضمه إليها تارة وسكت عنه أخرى .

قوله : ( إذا سمعتم بالطاعون ) وقع في رواية عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أسامة في هذا الحديث زيادة على رواية أخيه إبراهيم أخرجها المصنف في " ترك الحيل " من طريق شعيب عن الزهري " أخبرني عامر بن سعد أنه سمع أسامة بن زيد يحدث سعدا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكر الوجع فقال : رجز أو عذاب عذب به بعض الأمم ، ثم بقي منه بقية ، فيذهب المرة ويأتي الأخرى الحديث . وأخرجه مسلم من رواية يونس بن يزيد عن الزهري وقاله فيه : " إن هذا الوجع أو السقم وأخرجه البخاري في ذكر بني إسرائيل ومسلم أيضا والنسائي من طريق مالك ومسلم أيضا من طريق الثوري ومغيرة بن عبد الرحمن كلهم عن محمد بن المنكدر ، زاد مالك : وسالم أبي النضر كلاهما عن عامر بن سعد " أنه سمع أباه يسأل أسامة بن زيد : ماذا سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الطاعون ؟ فقال أسامة : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : الطاعون رجس أرسل على طائفة من بني إسرائيل ، أو على من كان قبلكم الحديث كذا وقع بالشك ، ووقع بالجزم عند ابن خزيمة من طريق عمرو بن دينار عن عامر بن سعد بلفظ فإنه رجز سلط على طائفة من بني إسرائيل " وأصله عند مسلم ، ووقع عند ابن خزيمة بالجزم أيضا من رواية عكرمة بن خالد عن ابن سعد عن سعد لكن قال : رجز أصيب به من كان قبلكم .

( تنبيه ) :

وقع الرجس بالسين المهملة موضع الرجز بالزاي ، والذي بالزاي هو المعروف وهو العذاب ، والمشهور في الذي بالسين أنه الخبيث أو النجس أو القذر ، وجزم الفارابي والجوهري بأنه يطلق على العذاب أيضا ، ومنه قوله - تعالى - ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون وحكاه الراغب أيضا . والتخصيص على بني إسرائيل أخص ، فإن كان ذلك المراد فكأنه أشار بذلك إلى ما جاء في قصة بلعام ، فأخرج الطبري من طريق سليمان التيمي أحد صغار التابعين عن سيار : أن رجلا كان يقال له بلعام كان مجاب الدعوة ، وأن موسى أقبل في بني إسرائيل يريد الأرض التي فيها بلعام ، فأتاه قومه فقالوا : ادع الله عليهم ، فقال : حتى أؤامر ربي ، فمنع ، فأتوه بهدية فقبلها وسألوه ثانيا فقال حتى أؤامر ربي ، فلم يرجع إليه بشيء ، فقالوا : لو كره لنهاك ، فدعا عليهم فصار يجري على لسانه ما يدعو به على بني إسرائيل فينقلب على قومه ، فلاموه على ذلك فقال : سأدلكم على ما فيه هلاكهم أرسلوا النساء في عسكرهم ومروهن أن لا يمتنعن من أحد ، فعسى أن يزنوا فيهلكوا ، فكان فيمن خرج بنت الملك فأرادها رأس بعض الأسباط وأخبرها بمكانه فمكنته من نفسها ، فوقع في بني إسرائيل الطاعون ، فمات منهم سبعون ألفا في يوم ، وجاء رجل من بني هارون ومعه الرمح فطعنهما وأيده الله فانتظمهما جميعا . وهذا مرسل جيد وسيار شامي موثق . وقد ذكر الطبري هذه القصة من طريق محمد بن إسحاق عن سالم أبي النضر فذكر نحوه ، وسمى المرأة كشتا بفتح الكاف وسكون المعجمة بعدها مثناة ، والرجل زمري بكسر الزاي وسكون الميم وكسر الراء رأس سبط شمعون ، وسمي الذي طعنهما فنحاص بكسر الفاء وسكون النون بعدها مهملة ثم مهملة ابن هارون ، وقال في آخره : فحسب من هلك من الطاعون سبعون ألفا ، والمقلل يقول عشرون ألفا . وهذه الطريق تعضد الأولى . وقد أشار إليها عياض فقال : قوله : أرسل على بني إسرائيل قيل : مات منهم في ساعة واحدة عشرون ألفا وقيل : سبعون ألفا . وذكر ابن إسحاق في " المبتدأ " أن الله أوحى إلى داود أن بني إسرائيل كثر عصيانهم ، فخيرهم بين ثلاث : إما أن أبتليهم بالقحط ، أو العدو شهرين ، أو الطاعون ثلاثة أيام . فأخبرهم ، فقالوا : اختر لنا . فاختار الطاعون . فمات منهم إلى أن [ ص: 194 ] زالت الشمس سبعون ألفا وقيل مائة ألف . فتضرع داود إلى الله - تعالى - ، فرفعه . وورد وقوع الطاعون في غير بني إسرائيل ، فيحتمل أن يكون هو المراد بقوله : من كان قبلكم فمن ذلك ما أخرجه الطبري وابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير قال : " أمر موسى بني إسرائيل أن يذبح كل رجل منهم كبشا ، ثم ليخضب كفه في دمه ، ثم ليضرب به على بابه . ففعلوا . فسألهم القبط عن ذلك فقالوا : إن الله سيبعث عليكم عذابا وإنما ننجو منه بهذه العلامة . فأصبحوا وقد مات من قوم فرعون سبعون ألفا ، فقال فرعون عند ذلك لموسى : ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت عنا الرجز الآية ، فدعا فكشفه عنهم " وهذا مرسل جيد الإسناد . وأخرج عبد الرزاق في تفسيره والطبري من طريق الحسن في قوله - تعالى - : ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت قال : فروا من الطاعون فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم ليكملوا بقية آجالهم . وأخرج ابن أبي حاتم من طريق السدي عن أبي مالك قصتهم مطولة . فأقدم من وقفنا عليه في المنقول ممن وقع الطاعون به من بني إسرائيل في قصة بلعام ، ومن غيرهم في قصة فرعون ، وتكرر بعد ذلك لغيرهم والله أعلم . وسيأتي شرح قوله إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها إلخ في شرح الحديث الذي بعده . الحديث الثاني .

التالي السابق


الخدمات العلمية