صفحة جزء
5452 حدثنا آدم حدثنا شعبة حدثنا محمد بن زياد قال سمعت أبا هريرة يقول قال النبي صلى الله عليه وسلم أو قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم بينما رجل يمشي في حلة تعجبه نفسه مرجل جمته إذ خسف الله به فهو يتجلجل إلى يوم القيامة
الحديث الثاني قوله : ( قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أو قال أبو القاسم - صلى الله عليه وسلم - ) شك من آدم شيخ البخاري ، وقد أخرجه مسلم من رواية غندر وغيره عن شعبة فقالوا : عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " وكذا أخرجه من رواية الربيع بن مسلم عن محمد بن زياد .

قوله : ( بينما رجل ) زاد مسلم من طريق أبي رافع عن أبي هريرة ممن كان قبلكم ومن ثم أخرجه البخاري في ذكر بني إسرائيل كما مضى ، وخفي هذا على بعض الشراح ، وقد أخرجه أحمد من حديث أبي سعيد وأبو يعلى من حديث أنس وفي روايتهما أيضا ممن كان قبلكم وبذلك جزم النووي ، وأما ما أخرجه أبو يعلى من طريق كريب قال : " كنت أقود ابن عباس فقال : حدثني العباس قال : بينما أنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ أقبل رجل يتبختر بين ثوبين " الحديث فهو ظاهر في أنه وقع في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - فسنده ضعيف ، والأول صحيح ، ويحتمل التعدد ، أو الجمع بأن المراد من كان قبل المخاطبين بذلك كأبي هريرة ، فقد أخرج [ ص: 272 ] أبو بكر بن أبي شيبة وأبو يعلى وأصله عند أحمد ومسلم " أن رجلا من قريش أتى أبا هريرة في حلة يتبختر فيها فقال : يا أبا هريرة إنك تكثر الحديث ، فهل سمعته يقول في حلتي هذه شيئا ؟ فقال : والله إنكم لتؤذوننا ، ولولا ما أخذ الله على أهل الكتاب ليبيننه للناس ولا يكتمونه ما حدثتكم بشيء ، سمعت " فذكر الحديث وقال في آخره " فوالله ما أدري لعله كان من قومك " وذكر السهيلي في " مبهمات القرآن " في سورة والصافات عن الطبري أن اسم الرجل المذكور الهيزن وأنه من أعراب فارس . قلت : وهذا أخرجه الطبري في التاريخ من طريق ابن جريج عن شعيب الجياني وجزم الكلاباذي في " معاني الأخبار " بأنه قارون ، وكذا ذكر الجوهري في " الصحاح " وكأن المستند في ذلك ما أخرجه الحارث بن أبي أسامة من حديث أبي هريرة وابن عباس بسند ضعيف جدا قالا " خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " فذكر الحديث الطويل وفيه ومن لبس ثوبا فاختال فيه خسف به من شفير جهنم فيتجلجل فيها لأن قارون لبس حلة فاختال فيها فخسف به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة . وروى الطبري في التاريخ من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قال : " ذكر لنا أنه يخسف بقارون كل يوم قامة ، وأنه يتجلجل فيها لا يبلغ قعرها إلى يوم القيامة " .

قوله : ( يمشي في حلة ) الحلة ثوبان أحدهما فوق الآخر ، وقيل : إزار ورداء وهو الأشهر ، ووقع في رواية الأعرج وهمام جميعا عن أبي هريرة عند مسلم بينما رجل يتبختر في برديه .

قوله : ( تعجبه نفسه ) في رواية الربيع بن مسلم فأعجبته جمته وبرداه ومثله لأحمد في رواية أبي رافع ، وفي حديث ابن عمر بينما رجل يجر إزاره هكذا هنا ، وتقدم في أواخر ذكر بني إسرائيل بزيادة من الخيلاء والاقتصار على الإزار لا يدفع وجود الرداء ، وإنما خص الإزار بالذكر لأنه هو الذي يظهر به الخيلاء غالبا . ووقع في حديث أبي سعيد عند أحمد وأنس عند أبي يعلى خرج في بردين يختال فيهما قال القرطبي : إعجاب المرء بنفسه هو ملاحظته لها بعين الكمال مع نسيان نعمة الله ، فإن احتقر غيره مع ذلك فهو الكبر المذموم .

قوله : ( مرجل ) بتشديد الجيم ( جمته ) بضم الجيم وتشديد الميم هي مجتمع الشعر إذا تدلى من الرأس إلى المنكبين وإلى أكثر من ذلك ، وأما الذي لا يتجاوز الأذنين فهو الوفرة ، وترجيل الشعر تسريحه ودهنه .

قوله : ( إذ خسف الله به ) في رواية الأعرج فخسف الله به الأرض والأول أظهر في سرعة وقوع ذلك به .

قوله : ( فهو يتجلجل إلى يوم القيامة ) في حديث ابن عمر فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة وفي رواية الربيع بن مسلم عند مسلم فهو يتجلجل في الأرض حتى تقوم الساعة ومثله في رواية أبي رافع ، ووقع في رواية همام عن أبي هريرة عند أحمد حتى يوم القيامة والتجلجل بجيمين التحرك ، وقيل : الجلجلة الحركة مع صوت ، وقال ابن دريد : كل شيء خلطت بعضه ببعض فقد جلجلته . وقال ابن فارس : التجلجل أن يسوخ في الأرض مع اضطراب شديد ويندفع من شق إلى شق ، فالمعنى يتجلجل في الأرض أي ينزل فيها مضطربا متدافعا . وحكى عياض أنه روي يتجلل بجيم واحدة ولام ثقيلة وهو بمعنى يتغطى ، أي تغطيه الأرض . وحكي عن بعض الروايات أيضا يتخلخل بخاءين معجمتين واستبعدها إلا أن يكون من قولهم خلخلت العظم إذا أخذت ما عليه من اللحم ، وجاء في غير الصحيحين يتحلحل بحاءين مهملتين . قلت : والكل تصحيف إلا الأول ، ومقتضى هذا الحديث أن الأرض لا تأكل جسد هذا الرجل فيمكن أن يلغز به فيقال : كافر لا يبلى جسده بعد الموت .

التالي السابق


الخدمات العلمية