صفحة جزء
باب لا يسب الرجل والديه

5628 حدثنا أحمد بن يونس حدثنا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن حميد بن عبد الرحمن عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه قيل يا رسول الله وكيف يلعن الرجل والديه قال يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه
قوله : ( باب لا يسب الرجل والديه ) أي ولا أحدهما ، أي لا يتسبب إلى ذلك .

قوله : ( إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه ) سيأتي بعد باب عد العقوق في أكبر الكبائر ، والمذكور [ ص: 418 ] هنا فرد من أفراد العقوق ، وإن كان التسبب إلى لعن الوالد من أكبر الكبائر فالتصريح بلعنه أشد ، وترجم بلفظ السب وساقه بلفظ اللعن إشارة إلى ما وقع في بقية الحديث ، وقد وقع أيضا في بعض طرقه وهو في " الأدب المفرد " من طريق عروة بن عياض سمع عبد الله بن عمرو يقول : " من الكبائر عند الله أن يسب الرجل والده " وقد أخرجه المصنف في " الأدب المفرد " من طريق سفيان الثوري ومسلم من طريق يزيد بن الهاد كلاهما عن سعد بن إبراهيم بلفظ من الكبائر شتم الرجل وفي رواية المصنف أن يشتم الرجل والديه .

قوله : ( قيل : يا رسول الله وكيف يلعن الرجل والديه ) ؟ هو استبعاد من السائل ; لأن الطبع المستقيم يأبى ذلك ، فبين في الجواب أنه وإن لم يتعاط السب بنفسه في الأغلب الأكثر لكن قد يقع منه التسبب فيه وهو مما يمكن وقوعه كثيرا . قال ابن بطال : هذا الحديث أصل في سد الذرائع ويؤخذ منه أن من آل فعله إلى محرم يحرم عليه ذلك الفعل وإن لم يقصد إلى ما يحرم ، والأصل في هذا الحديث قوله - تعالى - : ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله الآية . واستنبط منه الماوردي منع بيع الثوب الحرير ممن يتحقق أنه يلبسه ، والغلام الأمرد ممن يتحقق أنه يفعل به الفاحشة ، والعصير ممن يتحقق أنه يتخذه خمرا . وقال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة : فيه دليل على عظم حق الأبوين . وفيه العمل بالغالب لأن الذي يسب أبا الرجل يجوز أن يسب الآخر أباه ويجوز أن لا يفعل لكن الغالب أن يجيبه بنحو قوله . وفيه مراجعة الطالب لشيخه فيما يقوله مما يشكل عليه وفيه إثبات الكبائر وسيأتي البحث فيه قريبا ، وفيه أن الأصل يفضل الفرع بأصل الوضع ولو فضله الفرع ببعض الصفات .

التالي السابق


الخدمات العلمية