صفحة جزء
باب هجاء المشركين

5798 حدثنا محمد حدثنا عبدة أخبرنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت استأذن حسان بن ثابت رسول الله صلى الله عليه وسلم في هجاء المشركين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فكيف بنسبي فقال حسان لأسلنك منهم كما تسل الشعرة من العجين وعن هشام بن عروة عن أبيه قال ذهبت أسب حسان عند عائشة فقالت لا تسبه فإنه كان ينافح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قوله : ( باب هجاء المشركين ) الهجاء والهجو بمعنى ، ويقال هجوته ولا تقل هجيته . وأشار بهذه الترجمة إلى أن بعض الشعر قد يكون مستحبا ، وقد أخرج أحمد وأبو داود والنسائي وصححه ابن حبان من حديث أنس رفعه جاهدوا المشركين بألسنتكم وتقدم في مناقب قريش الإشارة إلى حديث كعب بن مالك وغيره في ذلك ، وللطبراني من حديث عمار بن ياسر " لما هجانا المشركون قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قولوا لهم كما يقولون لكم " فإن كنا لنعلمه إماء أهل المدينة .

قوله : ( حدثنا محمد ) هو ابن سلام نسبه أبو علي بن السكن وصرح به البخاري في [ ص: 563 ] " الأدب المفرد " وعبدة هو ابن سليمان ، وتقدم شرح حديث عائشة هذا في مناقب قريش . وقوله استأذن حسان ، ووقع في طريق مرسلة بيان ذلك وسببه : فروى ابن وهب في جامعه وعبد الرزاق في مصنفه من طريق محمد بن سيرين قال " هجا رهط من المشركين النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ، فقال المهاجرون : يا رسول الله ألا تأمر عليا فيهجو هؤلاء القوم ؟ فقال : إن القوم الذين نصروا بأيديهم أحق أن ينصروا بألسنتهم . فقالت الأنصار : أرادنا والله . فأرسلوا إلى حسان ، فأقبل فقال : يا رسول الله والذي بعثك بالحق ما أحب أن لي بمقولي ما بين صنعاء وبصرى ، فقال : أنت لها ، فقال لا علم لي بقريش ، فقال لأبي بكر : أخبره عنهم ونقب له في مثالبهم . وقد تقدم بعض هذا موصولا من حديث عائشة وهو عند مسلم ، وقوله " لأسلنك " أي لأخلص نسبك من هجومهم بحيث لا يبقى شيء من نسبك فيناله الهجو ، كالشعرة إذا انسلت لا يبقى عليها شيء من العجين . وفي الحديث جواز سب المشرك جوابا عن سبه للمسلمين ، ولا يعارض ذلك مطلق النهي عن سب المشركين لئلا يسبوا المسلمين لأنه محمول على البداءة به ، لا على من أجاب منتصرا . وقوله في الحديث الثاني " ينافح " بفاء ومهملة أي يخاصم بالمدافعة ، والمنافح المدافع ، تقول نافحت عن فلان أي دافعت عنه .

التالي السابق


الخدمات العلمية