صفحة جزء
باب ما يستحب من العطاس وما يكره من التثاؤب

5869 حدثنا آدم بن أبي إياس حدثنا ابن أبي ذئب حدثنا سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب فإذا عطس فحمد الله فحق على كل مسلم سمعه أن يشمته وأما التثاؤب فإنما هو من الشيطان فليرده ما استطاع فإذا قال ها ضحك منه الشيطان
قوله : ( باب ما يستحب من العطاس ، وما يكره من التثاؤب ) قال الخطابي : معنى المحبة والكراهة فيهما منصرف إلى سببهما ، وذلك أن العطاس يكون من خفة البدن وانفتاح المسام وعدم الغاية في الشبع وهو بخلاف التثاؤب فإنه يكون من علة امتلاء البدن وثقله مما يكون ناشئا عن كثرة الأكل والتخليط فيه ، والأول يستدعي النشاط للعبادة والثاني على عكسه .

قوله : ( سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة ) هكذا قال آدم بن أبي إياس عن ابن أبي ذئب ، وتابعه عاصم بن علي كما سيأتي بعد باب ، والحجاج بن محمد عند النسائي وأبو داود الطيالسي ويزيد بن هارون عند الترمذي وابن أبي فديك عند الإسماعيلي وأبو عامر العقدي عند الحاكم كلهم عن ابن أبي ذئب ، وخالفهم القاسم بن يزيد عند النسائي فلم يقل فيه " عن أبيه " وكذا ذكره أبو نعيم من طريق الطيالسي . وكذلك أخرجه النسائي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم من رواية محمد بن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة ولم يقل " عن أبيه " ورجح الترمذي رواية من قال عن أبيه وهو المعتمد .

[ ص: 623 ] قوله : ( إن الله يحب العطاس ) يعني الذي لا ينشأ عن زكام ، لأنه المأمور فيه بالتحميد والتشميت ، ويحتمل التعميم في نوعي العطاس والتفصيل في التشميت خاصة ، وقد ورد ما يخص بعض أحوال العاطسين ، فأخرج الترمذي من طريق أبي اليقظان عن عدي بن ثابت عن أبيه عن جده رفعه قال العطاس والنعاس والتثاؤب في الصلاة من الشيطان وسنده ضعيف ، وله شاهد عن ابن مسعود في الطبراني لكن لم يذكر النعاس ، وهو موقوف وسنده ضعيف أيضا . قال شيخنا في " شرح الترمذي " لا يعارض هذا حديث الباب في محبة العطاس وكراهة التثاؤب لكونه بحال الصلاة فقد يتسبب الشيطان في حصول العطاس للمصلي ليشغله عن صلاته ، وقد يقال إن العطاس إنما لم يوصف بكونه مكروها في الصلاة لأنه لا يمكن رده بخلاف التثاؤب ، ولذلك جاء في التثاؤب كما سيأتي بعد " فليرده ما استطاع " ولم يأت ذلك في العطاس . وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة إن الله يكره التثاؤب ويحب العطاس في الصلاة وهذا يعارض حديث جد عدي وفي سنده ضعف أيضا وهو موقوف والله أعلم . ومما يستحب للعاطس أن لا يبالغ في إخراج العطسة فقد ذكر عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال " سبع من الشيطان " فذكر منها شدة العطاس .

قوله : ( فحق على كل مسلم سمعه أن يشمته ) استدل به على استحباب مبادرة العاطس بالتحميد ، ونقل ابن دقيق العيد عن بعض العلماء أنه ينبغي أن يتأنى في حقه حتى يسكن ولا يعاجله بالتشميت ، قال : وهذا فيه غفلة عن شرط التشميت وهو توقفه على حمد العاطس . وأخرج البخاري في " الأدب المفرد " عن مكحول الأزدي " كنت إلى جنب ابن عمر فعطس رجل من ناحية المسجد فقال ابن عمر يرحمك الله إن كنت حمدت الله " واستدل به على أن التشميت إنما يشرع لمن سمع العاطس وسمع حمده ، فلو سمع من يشمت غيره ولم يسمع هو عطاسه ولا حمده هل يشرع له تشميته ؟ سيأتي قريبا .

قوله : ( وأما التثاؤب ) سيأتي شرحه بعد بابين .

التالي السابق


الخدمات العلمية