صفحة جزء
باب السلام للمعرفة وغير المعرفة

5882 حدثنا عبد الله بن يوسف حدثنا الليث قال حدثني يزيد عن أبي الخير عن عبد الله بن عمرو أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم أي الإسلام خير قال تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت وعلى من لم تعرف
قوله باب السلام للمعرفة وغير المعرفة أي من يعرفه المسلم ومن لا يعرفه ؛ أي لا يخص بالسلام من يعرفه دون من لا يعرفه . وصدر الترجمة لفظ حديث أخرجه البخاري في " الأدب المفرد بسند صحيح عن ابن مسعود أنه مر برجل ، فقال السلام عليك يا أبا عبد الرحمن ، فرد عليه ثم قال إنه سيأتي على الناس زمان يكون السلام فيه للمعرفة " .

وأخرجه الطحاوي والطبراني والبيهقي في " الشعب من وجه آخر عن ابن مسعود مرفوعا ولفظه إن من أشراط الساعة أن يمر الرجل بالمسجد لا يصلي فيه وأن لا يسلم إلا على من يعرفه ، ولفظ الطحاوي : إن من أشراط الساعة السلام للمعرفة .

9315 ثم ذكر فيه حديثين ؛ أحدهما حديث عبد الله بن عمر .

قوله حدثني يزيد ) هو ابن أبي حبيب كما ذكر في رواية قتيبة عن الليث في كتاب الإيمان

قوله عن أبي الخير ) هو مرثد بفتح الميم والمثلثة بينهما راء ساكنة وآخره دال مهملة والإسناد كله بصريون وقد تقدم شرح الحديث في أوائل كتاب الإيمان قال النووي : معنى قوله على من عرفت ومن لم تعرف تسلم على من لقيته ولا تخص ذلك بمن تعرف وفي ذلك إخلاص العمل لله واستعمال التواضع وإفشاء السلام الذي هو شعار هذه الأمة .

قلت وفيه من الفوائد أنه لو ترك السلام على من لم يعرف احتمل أن يظهر أنه من معارفه فقد يوقعه في الاستيحاش منه قال وهذا العموم مخصوص بالمسلم فلا يبتدئ السلام على كافر . قلت قد تمسك به من أجاز ابتداء الكافر بالسلام ، ولا حجة فيه لأن الأصل مشروعية السلام للمسلم فيحمل قوله من عرفت عليه وأما من لم تعرف فلا دلالة فيه بل إن عرف أنه مسلم فذاك وإلا فلو سلم احتياطا لم يمتنع حتى يعرف أنه كافر وقال ابن بطال في مشروعية السلام على غير المعرفة استفتاح للمخاطبة للتأنيس ليكون المؤمنون كلهم إخوة فلا يستوحش أحد من أحد وفي التخصيص ما قد يوقع في الاستيحاش ويشبه صدود المتهاجرين المنهي عنه .

وأورد الطحاوي في المشكل حديث أبي ذر في قصة إسلامه وفيه : فانتهيت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم وقد صلى هو وصاحبه - ، فكنت أول من حياه بتحية الإسلام قال الطحاوي : وهذا لا ينافي حديث ابن مسعود في ذم السلام للمعرفة لاحتمال أن يكون أبو ذر سلم على أبي بكر قبل ذلك أو لأن حاجته كانت عند النبي - صلى الله عليه وسلم - دون أبي بكر .

قلت والاحتمال الثاني لا يكفي في تخصيص السلام ، وأقرب منه أن يكون ذلك قبل تقرير الشرع بتعميم السلام وقد ساق مسلم قصة إسلام [ ص: 24 ] أبي ذر بطولها ولفظه : و جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى استلم الحجر وطاف بالبيت هو وصاحبه ثم صلى فلما قضى صلاته قال أبو ذر " فكنت أول من حياه بتحية السلام فقال وعليك ورحمة الله الحديث وفي لفظ قال " وصلى ركعتين خلف المقام فأتيته فإني لأول الناس حياه بتحية الإسلام فقال وعليك السلام من أنت " ، وعلى هذا فيحتمل أن يكون أبو بكر توجه بعد الطواف إلى منزله ودخل النبي - صلى الله عليه وسلم - منزله فدخل عليه أبو ذر وهو وحده .

ويؤيده ما أخرجه مسلم ، وقد تقدم للبخاري أيضا في المبعث من وجه آخر عن أبي ذر في قصة إسلامه أنه قام يلتمس النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يعرفه ويكره أن يسأل عنه فرآه علي فعرفه أنه غريب فاستتبعه حتى دخل به على النبي - صلى الله عليه وسلم - فأسلم

التالي السابق


الخدمات العلمية