صفحة جزء
باب الاحتباء باليد وهو القرفصاء

5917 حدثنا محمد بن أبي غالب أخبرنا إبراهيم بن المنذر الحزامي حدثنا محمد بن فليح عن أبيه عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بفناء الكعبة محتبيا بيده هكذا
قوله باب الاحتباء باليد وهو وقع في رواية الكشميهني " وهي " القرفصاء بضم القاف والفاء بينهما راء ساكنة ثم صاد مهملة ومد وقال الفراء إن ضممت القاف والفاء مددت وإن كسرت قصرت والذي فسر به البخاري الاحتباء أخذه من كلام أبي عبيدة فإنه قال القرفصاء جلسة المحتبي ويدير ذراعيه ويديه على ساقيه وقال عياض قيل هي الاحتباء وقيل جلسة الرجل المستوفز وقيل جلسة الرجل على أليتيه . قال وحديث قيلة يدل عليه لأن فيه " وبيده عسيب نخلة " فدل على أنه لم يحتب بيديه .

قلت ولا دلالة فيه على نفي الاحتباء فإنه تارة يكون باليدين وتارة بثوب فلعله في الوقت الذي رأته قيلة كان محتبيا بثوبه وقد قال ابن فارس وغيره الاحتباء أن يجمع ثوبه ظهره وركبتيه قلت وحديث قيلة وهي بفتح القاف وسكون التحتانية بعدها لام [ ص: 68 ] أخرجه أبو داود والترمذي في " الشمائل " والطبراني وطوله بسند لا بأس به أنها قالت . فذكر الحديث وفيه : قالت فجاء رجل قال السلام عليك يا رسول الله فقال وعليك السلام ورحمة الله وعليه أسمال مليتين قد كانتا بزعفران فنفضتا وبيده عسيب نخلة مقشرة قاعدا القرفصاء . قالت فلما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المتخشع في الجلسة أرعدت من الفرق فقال له جليسه يا رسول الله أرعدت المسكينة فقال ولم ينظر إلي يا مسكينة عليك السكينة فذهب عني ما أجد من الرعب " الحديث وقوله فيه " وعليه أسمال " بمهملة جمع سمل بفتحتين وهو الثوب البالي و " مليتين " بالتصغير تثنية ملاءة وهي الرداء وقيل القرفصاء الاعتماد على عقبيه ومس أليتيه بالأرض والذي يتحرر من هذا كله أن الاحتباء قد يكون بصورة القرفصاء لا أن كل احتباء قرفصاء والله أعلم

قوله حدثني محمد بن أبي غالب هو القومسي بضم القاف وسكون الواو وبالسين المهملة نزل بغداد وهو من صغار شيوخ البخاري ومات قبله بست سنين وليس له عنده سوى هذا الحديث وحديث آخر في كتاب التوحيد ولهم شيخ آخر يقال له محمد بن أبي غالب الواسطي نزيل بغداد قال أبو نصر الكلاباذي : سمع من هشيم ومات قبل القومسي بست وعشرين سنة

قوله ( محمد بن فليح عن أبيه هو فليح بن سليمان المدني ، وقد نزل البخاري في حديثه هذا درجتين لأنه سمع الكثير من أصحاب فليح مثل يحيى بن صالح ونزل في حديث إبراهيم بن المنذر درجة لأنه سمع منه الكثير وأخرج عنه بغير واسطة

قوله بفناء الكعبة ) بكسر الفاء ثم نون ثم مد أي جانبها من قبل الباب

قوله محتبيا بيده هكذا كذا وقع عنده مختصرا ورويناه في الجزء السادس من " فوائد أبي محمد بن صاعد " عن محمود بن خالد عن أبي غزية وهو بفتح المعجمة وكسر الزاي وتشديد التحتانية وهو محمد بن موسى الأنصاري القاضي عن فليح نحوه وزاد فأرانا فليح موضع يمينه على يساره موضع الرسغ .

وقد أخرجه الإسماعيلي من رواية أبي موسى محمد بن المثنى عن أبي غزية بسند آخر قال " حدثنا إبراهيم بن سعد عن عمر بن محمد بن زيد عن نافع " فذكر نحو حديث الباب دون كلام فليح وأخرجه أبو نعيم من وجه آخر عن أبي غزية عن فليح ولم يذكر كلام فليح أيضا والذي يظهر أن لأبي غزية فيه شيخين وأبو غزية ضعفه ابن معين وغيره ووقع عند أبي داود من حديث أبي سعيد : " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا جلس احتبى بيديه " زاد البزار : ونصب ركبتيه .

وأخرج البزار أيضا من حديث أبي هريرة بلفظ : جلس عند الكعبة فضم رجليه فأقامهما واحتبى بيديه ، ويستثنى من الاحتباء باليدين ما إذا كان في المسجد ينتظر الصلاة فاحتبى بيديه فينبغي أن يمسك إحداهما بالأخرى كما وقعت الإشارة إليه في هذا الحديث من وضع إحداهما على رسغ الأخرى ولا يشبك بين أصابعه في هذه الحالة فقد ورد النهي عن ذلك عند أحمد من حديث أبي سعيد بسند لا بأس به والله أعلم .

وتقدمت مباحث التشبيك في المسجد في أبواب المساجد من كتاب الصلاة وقال ابن بطال : لا يجوز للمحتبي أن يصنع بيديه شيئا ويتحرك لصلاة أو غيرها لأن عورته تبدو إلا إذا كان عليه ثوب يستر عورته فيجوز وهذا بناء على أن الاحتباء قد يكون باليدين فقط وهو المعتمد وفرق الداودي فيما حكاه عنه ابن التين بين الاحتباء والقرفصاء فقال الاحتباء أن يقيم رجليه ويفرج بين ركبيته ويدير عليه ثوبا ويعقده فإن كان عليه قميص أو غيره [ ص: 69 ] فلا ينهى عنه وإن لم يكن عليه شيء فهو القرفصاء كذا قال والمعتمد ما تقدم

التالي السابق


الخدمات العلمية