صفحة جزء
باب كل لهو باطل إذا شغله عن طاعة الله ومن قال لصاحبه تعال أقامرك وقوله تعالى ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله

5942 حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب قال أخبرني حميد بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حلف منكم فقال في حلفه باللات والعزى فليقل لا إله إلا الله ومن قال لصاحبه تعال أقامرك فليتصدق
9416 قوله ( باب كل لهو باطل إذا شغله ) أي شغل اللاهي به عن طاعة الله ) أي كمن التهى بشيء من الأشياء مطلقا سواء كان مأذونا في فعله أو منهيا عنه كمن اشتغل بصلاة نافلة أو بتلاوة أو ذكر أو تفكر في معاني القرآن مثلا حتى خرج وقت الصلاة المفروضة عمدا فإنه يدخل تحت هذا الضابط وإذا كان هذا في الأشياء المرغب فيها المطلوب فعلها فكيف حال ما دونها وأول هذه الترجمة لفظ حديث أخرجه أحمد والأربعة وصححه ابن خزيمة والحاكم من حديث عقبة بن عامر رفعه كل ما يلهو به المرء المسلم باطل إلا رميه بقوسه وتأديبه فرسه وملاعبته أهله الحديث وكأنه لما لم يكن على شرط المصنف استعمل له لفظ ترجمة واستنبط من المعنى ما قيد به الحكم المذكور .

وإنما أطلق على الرمي أنه لهو لإمالة الرغبات إلى تعليمه لما فيه من صورة اللهو لكن المقصود من تعلمه الإعانة على الجهاد وتأديب الفرس إشارة إلى المسابقة عليها وملاعبة الأهل للتأنيس ونحوه وإنما أطلق على ما عداها البطلان من طريق المقابلة لا أن جميعها من الباطل المحرم

قوله ومن قال لصاحبه تعال أقامرك أي ما يكون حكمه

قوله وقوله - تعالى - : ومن الناس من يشتري لهو الحديث الآية كذا في رواية أبي ذر والأكثر وفي رواية الأصيلي وكريمة ليضل عن سبيل الله الآية وذكر ابن بطال أن البخاري استنبط تقييد اللهو في الترجمة من مفهوم قوله - تعالى - ليضل عن سبيل الله فإن مفهومه أنه إذا اشتراه لا ليضل لا يكون مذموما وكذا مفهوم الترجمة أنه إذا لم يشغله اللهو عن طاعة الله لا يكون باطلا . لكن عموم هذا المفهوم يخص بالمنطوق فكل شيء نص على تحريمه مما يلهي يكون باطلا سواء شغل أو لم يشغل وكأنه رمز إلى ضعف ما ورد في تفسير اللهو في هذه الآية بالغناء .

وقد أخرج الترمذي من حديث أبي أمامة رفعه لا يحل بيع المغنيات ولا شراؤهن الحديث ، وفيه وفيهن أنزل الله ومن الناس من يشتري لهو الحديث ) الآية وسنده ضعيف وأخرج الطبراني عن ابن مسعود موقوفا أنه فسر اللهو في هذه الآية بالغناء وفي سنده ضعف أيضا

ثم أورد حديث أبي هريرة وفيه " ومن قال لصاحبه تعال أقامرك " الحديث وأشار بذلك إلى أن القمار من جملة اللهو ومن دعا إليه دعا إلى المعصية فلذلك أمر بالتصدق ليكفر عنه تلك المعصية لأن من دعا إلى معصية وقع بدعائه إليها في معصية . وقال الكرماني : وجه تعلق هذا الحديث بالترجمة والترجمة بالاستئذان أن الداعي إلى القمار لا ينبغي أن يؤذن له في دخول المنزل ثم لكونه يتضمن اجتماع الناس ومناسبة بقية حديث الباب للترجمة أن الحلف باللات لهو يشغل عن الحق بالخلق فهو باطل انتهى .

ويحتمل أن يكون لما قدم ترجمة ترك السلام على من اقترف ذنبا أشار إلى ترك الإذن لمن يشتغل باللهو عن الطاعة وقد تقدم شرح حديث الباب في تفسير سورة والنجم قال مسلم في صحيحه بعد أن أخرج هذا الحديث هذا الحرف تعال أقامرك لا يرويه أحد إلا الزهري وللزهري نحو تسعين حرفا لا يشاركه فيها غيره عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بأسانيد جياد .

قلت وإنما قيد التفرد بقوله " تعال أقامرك " لأن لبقية الحديث شاهدا من حديث سعد بن أبي وقاص يستفاد منه سبب حديث أبي هريرة أخرجه النسائي بسند قوي قال كنا حديثي عهد بجاهلية فحلفت باللات والعزى فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال قل لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير وانفث عن شمالك وتعوذ بالله ثم لا تعد فيمكن أن يكون المراد بقوله في حديث أبي هريرة : " فليقل لا إله إلا الله " إلى آخر الذكر المذكور إلى قوله : قدير " ويحتمل الاكتفاء بلا إله إلا الله لأنها كلمة التوحيد والزيادة المذكورة في حديث سعد تأكيد

[ ص: 95 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية