صفحة جزء
6089 حدثني عثمان حدثنا جرير عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم منذ قدم المدينة من طعام بر ثلاث ليال تباعا حتى قبض
قوله حدثني عثمان هو ابن أبي شيبة وجرير هو ابن عبد الحميد ومنصور هو ابن المعتمر وإبراهيم هو النخعي والأسود هو ابن يزيد وهؤلاء كلهم كوفيون .

[ ص: 297 ] قوله ما شبع آل محمد ) أي النبي - صلى الله عليه وسلم - منذ قدم المدينة ) يخرج ما كانوا فيه قبل الهجرة من طعام بر يخرج ما عدا ذلك من أنواع المأكولات ثلاث ليال أي بأيامها تباعا يخرج التفاريق حتى قبض ) إشارة إلى استمراره على تلك الحال مدة إقامته بالمدينة وهي عشر سنين بما فيها من أيام أسفاره في الغزو والحج والعمرة وزاد ابن سعد من وجه آخر عن إبراهيم " وما رفع عن مائدته كسرة خبز فضلا حتى قبض " ووقع في رواية الأعمش عن منصور فيه بلفظ " ما شبع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " وفي رواية عبد الرحمن بن عابس عن أبيه عن عائشة " ما شبع آل محمد من خبز بر مأدوم " أخرجه مسلم وفي رواية عبد الرحمن بن يزيد عن الأسود عن عائشة " ما شبع آل محمد - صلى الله عليه وسلم - من خبز الشعير يومين متتابعين حتى قبض " أخرجاه وعند مسلم من رواية يزيد بن قسيط عن عروة عن عائشة " ما شبع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من خبز وزيت في يوم واحد مرتين " وله من طريق مسروق عنها " والله ما شبع من خبز ولحم في يوم مرتين " وعند ابن سعد أيضا من طريق الشعبي عن عائشة " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت تأتي عليه أربعة أشهر ما يشبع من خبز البر " وفي حديث أبي هريرة نحو حديث الباب ذكره المصنف في الأطعمة من طريق سعيد المقبري عنه " ما شبع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة أيام تباعا من خبز حنطة حتى فارق الدنيا " وأخرجه مسلم أيضا عن أبي هريرة " خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الدنيا ولم يشبع من خبز الشعير في اليوم الواحد غداء وعشاء " ، وتقدم أيضا في حديث سهل بن سعد " ما شبع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شبعتين في يوم حتى فارق الدنيا " أخرجه ابن سعد والطبراني وفي حديث عمران بن حصين " ما شبع من غداء أو عشاء حتى لقي الله " أخرجه الطبراني . قال الطبري : استشكل بعض الناس كون النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه كانوا يطوون الأيام جوعا مع ما ثبت أنه كان يرفع لأهله قوت سنة وأنه قسم بين أربعة أنفس ألف بعير مما أفاء الله عليه وأنه ساق في عمرته مائة بدنة فنحرها وأطعمها المساكين وأنه أمر لأعرابي بقطيع من الغنم وغير ذلك مع من كان معه من أصحاب الأموال كأبي بكر وعمر وعثمان وطلحة وغيرهم مع بذلهم أنفسهم وأموالهم بين يديه وقد أمر بالصدقة فجاء أبو بكر بجميع ماله وعمر بنصفه وحث على تجهيز جيش العسرة فجهزهم عثمان بألف بعير إلى غير ذلك والجواب أن ذلك كان منهم في حالة دون حالة لا لعوز وضيق بل تارة للإيثار وتارة لكراهة الشبع ولكثرة الأكل انتهى

وما نفاه مطلقا فيه نظر لما تقدم من الأحاديث آنفا وقد أخرج ابن حبان في صحيحه عن عائشة من حدثكم أنا كنا نشبع من التمر فقد كذبكم فلما افتتحت قريظة أصبنا شيئا من التمر والودك " وتقدم في غزوة خيبر من رواية عكرمة عن عائشة " لما فتحت خيبر قلنا الآن نشبع من التمر " وتقدم في كتاب الأطعمة حديث منصور بن عبد الرحمن عن أمه صفية بنت شيبة عن عائشة " توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين شبعنا من التمر ) وفي حديث ابن عمر " لما فتحت خيبر شبعنا من التمر " والحق أن الكثير منهم كانوا في حال ضيق قبل الهجرة حيث كانوا بمكة ثم لما هاجروا إلى المدينة كان أكثرهم كذلك فواساهم الأنصار بالمنازل والمنائح فلما فتحت لهم النضير وما بعدها ردوا عليهم منائحهم كما تقدم ذلك واضحا في كتاب الهبة وقريب من ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - لقد أخفت في الله وما يخاف أحد ولقد أوذيت في الله وما يؤذى أحد ولقد أتت علي ثلاثون من يوم وليلة مالي ولبلال طعام يأكله أحد إلا شيء يواريه إبط بلال أخرجه الترمذي وصححه وكذا أخرجه ابن حبان بمعناه نعم كان - صلى الله عليه وسلم - يختار ذلك مع إمكان حصول التوسع والتبسط في الدنيا له كما أخرج الترمذي من حديث أبي أمامة عرض علي ربي ليجعل لي بطحاء مكة ذهبا فقلت لا يا رب ولكن أشبع يوما وأجوع يوما فإذا جعت [ ص: 298 ] تضرعت إليك وإذا شبعت شكرتك وسأذكر حديث عائشة في ذلك

التالي السابق


الخدمات العلمية