صفحة جزء
باب قول الله تعالى وأقسموا بالله جهد أيمانهم وقال ابن عباس قال أبو بكر فوالله يا رسول الله لتحدثني بالذي أخطأت في الرؤيا قال لا تقسم

6278 حدثنا قبيصة حدثنا سفيان عن أشعث عن معاوية بن سويد بن مقرن عن البراء عن النبي صلى الله عليه وسلم ح وحدثني محمد بن بشار حدثنا غندر حدثنا شعبة عن أشعث عن معاوية بن سويد بن مقرن عن البراء رضي الله عنه قال أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بإبرار المقسم
" 9905 قوله باب لا يقول ما شاء الله وشئت وهل يقول أنا بالله ثم بك ) ؟ هكذا بت الحكم في الصورة الأولى وتوقف في الصورة الثانية وسببه أنها وإن كانت وقعت في حديث الباب الذي أورده مختصرا وساقه مطولا فيما مضى لكن إنما وقع ذلك من كلام الملك على سبيل الامتحان للمقول له فتطرق إليه الاحتمال قوله وقال عمرو بن عاصم إلخ وصله في ذكر بني إسرائيل فقال " حدثنا أحمد بن إسحاق حدثنا عمرو بن عاصم " وساقه بطوله وقد يتمسك به من يقول إنه قد يطلق " قال " لبعض شيوخه فيما لم يسمعه منه ويكون بينهما واسطة كأنه أشار بالصورة الأولى إلى ما أخرجه النسائي في كتاب الأيمان والنذور وصححه من طريق عبد الله بن يسار بتحتانية ومهملة عن قتيلة بقاف ومثناة فوقانية والتصغير امرأة من جهينة أن يهوديا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال إنكم تشركون تقولون ما شاء الله وشئت وتقولون والكعبة فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا ورب الكعبة وأن يقولوا ما شاء الله ثم شئت وأخرج النسائي وابن ماجه أيضا وأحمد من رواية يزيد بن الأصم عن ابن عباس رفعه إذا حلف أحدكم فلا يقل ما شاء الله وشئت ولكن ليقل ما شاء الله ثم شئت وفي أول حديث النسائي قصة وهي عند أحمد ولفظه أن رجلا قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - ما شاء الله وشئت فقال له أجعلتني والله عدلا لا بل ما شاء الله وحده وأخرج أحمد والنسائي وابن ماجه أيضا عن حذيفة أن رجلا من المسلمين رأى رجلا من أهل الكتاب في المنام [ ص: 549 ] فقال نعم القوم أنتم لولا أنكم تشركون تقولون ما شاء الله وشاء محمد فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال قولوا ما شاء الله ثم شاء محمد وفي رواية النسائي أن الراوي لذلك هو حذيفة الراوي هذه رواية ابن عيينة عن عبد الملك بن عمير عن ربعي عن حذيفة وقال أبو عوانة عن عبد الملك عن ربعي عن الطفيل بن سخبرة أخي عائشة بنحوه أخرجه ابن ماجه أيضا وهكذا قال حماد بن سلمة عند أحمد وشعبة وعبد الله بن إدريس عن عبد الملك وهو الذي رجحه الحفاظ وقالوا إن ابن عيينة وهم في قوله عن حذيفة والله أعلم وحكى ابن التين عن أبي جعفر الداودي قال ليس في الحديث الذي ذكره نهي عن القول المذكور في الترجمة ، وقد قال الله - تعالى - وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله وقال - تعالى - وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه وغير ذلك وتعقبه بأن الذي قاله أبو جعفر ليس بظاهر ; لأن قوله : ما شاء الله وشئت " تشريك في مشيئة الله - تعالى - ، وأما الآية فإنما أخبر الله - تعالى - أنه أغناهم وأن رسوله أغناهم وهو من الله حقيقة ; لأنه الذي قدر ذلك ومن الرسول حقيقة باعتبار تعاطي الفعل وكذا الإنعام أنعم الله على زيد بالإسلام وأنعم عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - بالعتق وهذا بخلاف المشاركة في المشيئة فإنها منصرفة لله - تعالى - في الحقيقة وإذا نسبت لغيره فبطريق المجاز وقال المهلب : إنما أراد البخاري أن قوله : ما شاء الله ثم شئت " جائز مستدلا بقوله " أنا بالله ثم بك " وقد جاء هذا المعنى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وإنما جاز بدخول " ثم " لأن مشيئة الله سابقة على مشيئة خلقه ولما لم يكن الحديث المذكور على شرطه استنبط من الحديث الصحيح الذي على شرطه ما يوافقه وأخرج عبد الرزاق عن إبراهيم النخعي أنه كان لا يرى بأسا أن يقول " ما شاء الله ثم شئت " وكان يكره " أعوذ بالله وبك " ويجيز " أعوذ بالله ثم بك " وهو مطابق لحديث ابن عباس وغيره مما أشرت إليه

( تنبيه ) : مناسبة إدخال هذه الترجمة في كتاب الأيمان من جهة ذكر الحلف في بعض طرق حديث ابن عباس كما ذكرت ومن جهة أنه قد يتخيل جواز اليمين بالله ثم بغيره على وزان ما وقع في قوله " أنا بالله ثم بك " فأشار إلى أن النهي ثبت عن التشريك وورد بصورة الترتيب على لسان الملك وذلك فيما عدا الأيمان أما اليمين بغير ذلك فثبت النهي عنها صريحا فلا يلحق بها ما ورد في غيرها والله أعلم

" 9906 [ ص: 550 ] قوله باب قول الله - تعالى - وأقسموا بالله جهد أيمانهم ) قال الراغب وغيره القسم بفتحتين الحلف وأصله من القسامة وهي الأيمان التي على أولياء المقتول ثم استعمل في كل حلف قال الراغب ومعنى جهد أيمانكم أنهم اجتهدوا في حلفهم فأتوا به على أبلغ ما في وسعهم انتهى وهذا يدفع ما فهمه المهلب فيما حكاه ابن بطال عنه من هذه الآية أنها تدل على أن الحلف بالله أكبر الأيمان لأن الجهد أكبر المشقة ففهم من قوله جهد أيمانهم أن اليمين بالله غاية الجهد والذي قاله الراغب أظهر وقد قال أهل اللغة إن القسامة مأخوذة من القسمة لأن الأيمان تقسم على أولياء القتيل وسيأتي مزيد لذلك في موضعه إن شاء الله تعالى

قوله وقال ابن عباس قال أبو بكر : فوالله يا رسول الله لتحدثني بالذي أخطأت في الرؤيا قال لا تقسم هذا طرف مختصر من الحديث الطويل الآتي في كتاب التعبير من طريق الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس " أن رجلا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال إني رأيت الليلة في المنام ظلة تنطف من السمن والعسل " الحديث وفيه تعبير أبي بكر لها وقوله للنبي - صلى الله عليه وسلم - " فأخبرني يا رسول الله أصبت أم أخطأت ؟ قال أصبت بعضا أو أخطأت بعضا قال فوالله إلخ " فقوله هنا " في الرؤيا " من كلام المصنف إشارة إلى ما اختصره من الحديث ; وتقديره في قصة الرؤيا التي رآها الرجل وقصها على النبي - صلى الله عليه وسلم - فعبرها أبو بكر إلخ ; وسيأتي شرحه هناك والغرض منه هنا قوله " لا تقسم " موضع قوله : لا تحلف فأشار إلى الرد على من قال إن من قال أقسمت انعقدت يمينا ولأنه لو قال بدل أقسمت حلفت لم تنعقد اتفاقا إلا إن نوى اليمين أو قصد الإخبار بأنه سبق منه حلف وأيضا فقد أمر - صلى الله عليه وسلم - بإبرار القسم فلو كان أقسمت يمينا لأبر أبا بكر حين قالها ومن ثم أورد حديث البراء عقبه ولهذا أورد حديث حارثة آخر الباب " لو أقسم على الله لأبره " إشارة إلى أنها لو كانت يمينا لكان أبو بكر أحق بأن يبر قسمه لأنه رأس أهل الجنة من هذه الأمة وأما حديث أسامة في قصة بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - فالظاهر أنها أقسمت حقيقة فقد تقدم في الجنائز بلفظ " تقسم عليه ليأتينها " والله أعلم . قال ابن المنذر : اختلف فيمن قال أقسمت بالله أو أقسمت مجردة فقال قوم هي يمين وإن لم يقصد وممن روى ذلك عنه ابن عمر وابن عباس وبه قال النخعي والثوري والكوفيون وقال الأكثرون لا تكون يمينا إلا أن ينوي وقال مالك : أقسمت بالله يمينا وأقسمت مجردة لا تكون يمينا إلا إن نوى وقال الإمام الشافعي : المجردة لا تكون يمينا أصلا ولو نوى وأقسمت بالله إن نوى تكون يمينا وقال إسحاق : لا تكون يمينا أصلا وعن أحمد كالأول وعنه كالثاني وعنه إن قال قسما بالله فيمين جزما لأن التقدير أقسمت بالله قسما وكذا لو قال ألية بالله قال ابن المنير في الحاشية مقصود البخاري الرد على من لم يجعل القسم بصيغة أقسمت يمينا : قال فذكر الآية وقد قرن فيها القسم بالله ثم بين أن هذا الاقتران ليس شرطا بالأحاديث فإن فيها أن هذه الصيغة بمجردها تكون يمينا تتصف بالبر وبالندب إلى إبرارها من غير الحلف ثم ذكر من فروع هذه المسألة لو قال أقسم بالله عليك لتفعلن فقال نعم هل يلزمه يمين بقوله [ ص: 551 ] نعم وتجب الكفارة إن لم يفعل . انتهى وفيما قال نظر والذي يظهر أن مراد البخاري أن يقيد ما أطلق في الأحاديث بما قيد به في الآية والعلم عند الله - تعالى - ثم ذكر بعد هذا الحديث المعلق أربعة أحاديث أحدها حديث البراء .

9907 قوله ( بإبرار المقسم ) أي بفعل ما أراده الحالف ليصير بذلك بارا وهذا أيضا طرف من حديث أورده المصنف مطولا ومختصرا في مواضع بينتها وذكرت كيفية ما أخرجها في كتاب اللباس وفي أول كتاب الاستئذان واختلف في ضبط السين فالمشهور أنها بالكسر وضم أوله على أنه اسم فاعل وقيل بفتحها أي الإقسام والمصدر قد يأتي للمفعول مثل أدخلته مدخلا بمعنى الإدخال وكذا أخرجته وأشعث المذكور في السند هو ابن أبي الشعثاء وسفيان في الطريق الأولى هو الثوري .

التالي السابق


الخدمات العلمية