صفحة جزء
باب ما جاء في ضرب شارب الخمر

6391 حدثنا حفص بن عمر حدثنا هشام عن قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم ح حدثنا آدم بن أبي إياس حدثنا شعبة حدثنا قتادة عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب في الخمر بالجريد والنعال وجلد أبو بكر أربعين
قوله : ( باب ما جاء في ضرب شارب الخمر ) أي خلافا لمن قال يتعين الجلد وبيان الاختلاف في كميته ، وقد تقدم الكلام على تحريم الخمر ووقته وسبب نزوله وحقيقتها وهل هي مشتقة وهل يجوز تذكيرها في أول كتاب الأشربة .

قوله : ( عن قتادة عن أنس ) في رواية لمسلم والنسائي : " سمعت أنسا " أخرجاها من طريق خالد بن الحارث عن شعبة ، وهو يدل على أن رواية شبابة عن شعبة بزيادة الحسن بين قتادة وأنس التي أخرجها النسائي من المزيد في متصل الأسانيد .

قوله : ( أن النبي - صلى الله عليه وسلم ) كذا ذكر طريق شعبة عن قتادة ولم يسق المتن وتحول إلى طريق هشام عن قتادة >[1] فساق المتن على لفظه ، وقد ذكره في الباب الآتي بعد باب عن شيخ آخر عن هشام بهذا [ ص: 65 ] اللفظ ، وأما لفظ شعبة فأخرجه البيهقي في الخلافيات من طريق جعفر بن محمد القلانسي عن آدم شيخ البخاري فيه بلفظ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتي برجل شرب الخمر فضربه بجريدتين نحوا من أربعين ، ثم صنع أبو بكر مثل ذلك فلما كان عمر استشار الناس فقال له عبد الرحمن بن عوف أخف الحدود ثمانون ففعله عمر .

ولفظ رواية خالد التي ذكرتها إلى قوله : " نحوا من أربعين " ، وأخرجه مسلم والنسائي أيضا من طريق محمد بن جعفر عن شعبة مثل رواية آدم إلا أنه قال : " وفعله أبو بكر فلما كان عمر - أي في خلافته - استشار الناس فقال عبد الرحمن - يعني ابن عوف - أخف الحدود ثمانون فأمر به عمر " .

ووقع لبعض رواة مسلم : أخف الحدود ثمانين قال ابن دقيق العيد : فيه حذف عامل النصب والتقدير جعله ، وتعقبه الفاكهي فقال : هذا بعيد أو باطل وكأنه صدر عن غير تأمل لقواعد العربية ولا لمراد المتكلم ؛ إذ لا يجوز أجود الناس الزيدين على تقدير اجعلهم ، لأن مراد عبد الرحمن الإخبار بأخف الحدود لا الأمر بذلك ، فالذي يظهر أن راوي النصب وهم واحتمال توهيمه أولى من ارتكاب ما لا يجوز لفظا ولا معنى ، ورد عليه تلميذه ابن مرزوق بأن عبد الرحمن مستشار والمستشار مسئول والمستشير سائل ولا يبعد أن يكون المستشار آمرا ، قال : والمثال الذي مثل به غير مطابق .

قلت : بل هو مطابق لما ادعاه أن عبد الرحمن قصد الإخبار فقط ، والحق أنه أخبر برأيه مستندا إلى القياس ، وأقرب التقادير أخف الحدود أجده ثمانين أو أجد أخف الحدود ثمانين فنصبها ، وأغرب ابن العطار صاحب النووي في " شرح العمدة " فنقل عن بعض العلماء أنه ذكره بلفظ : أخف الحدود ثمانون - بالرفع وأعربه مبتدأ وخبرا ، قال : ولا أعلمه منقولا رواية ، كذا قال والرواية بذلك ثابتة .

والأولى في توجيهها ما أخرجه مسلم أيضا من طريق معاذ بن هشام عن أبيه : " ثم جلد أبو بكر أربعين فلما كان عمر ودنا الناس من الريف والقرى قال : ما ترون في جلد الخمر؟ فقال عبد الرحمن بن عوف : أرى أن تجعلها كأخف الحدود ، قال فجلد عمر ثمانين " فيكون المحذوف من هذه الرواية المختصرة أرى أن تجعلها وأداة التشبيه .

وأخرج النسائي من طريق يزيد بن هارون عن شعبة : فضربه بالنعال نحوا من أربعين ، ثم أتي به أبو بكر فصنع به مثل ذلك ، ورواه همام عن قتادة بلفظ فأمر قريبا من عشرين رجلا فجلده كل رجل جلدتين بالجريد والنعال أخرجه أحمد والبيهقي ، وهذا يجمع بين ما اختلف فيه على شعبة وأن جملة الضربات كانت نحو أربعين لا أنه جلده بجريدتين أربعين فتكون الجملة ثمانين كما أجاب به بعض الناس .

ورواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة بلفظ : جلد بالجريد والنعال أربعين علقه أبو داود بسند صحيح ووصله البيهقي ، وكذا أخرجه مسلم من طريق وكيع عن هشام بلفظ : " كان يضرب في الخمر مثله " ، وقد نسب صاحب العمدة قصة عبد الرحمن هذه إلى تخريج الصحيحين ولم يخرج البخاري منها شيئا وبذلك جزم عبد الحق في الجمع ثم المنذري ، نعم ذكر معنى صنيع عمر فقط في حديث السائب في الباب الثالث ، وسيأتي بسط ذلك فيه .

( تنبيه ) :

الرجل المذكور لم أقف على اسمه صريحا ، لكن سأذكر في " باب ما يكره من لعن الشارب " ، ما يؤخذ منه ، أنه النعيمان .

التالي السابق


الخدمات العلمية